Ana sayfa Özgeçmiş Arapça Öğreniyorum Arapça Alıştırmalar İletişim

 
    Ana sayfa > Arapça Makale ve Araştırmalar > Kelam, Akaid ve Tevhid Bilimi





 
 

 

 

المختصر في علوم العقائد والكلام  والتّوحيد

 

د. نظام الدّين إبراهيم أوغلو

باحث أكاديمي تركماني

nizameddin955@hotmail.com

الفصل الأوّل

المختصر في علم العقيدة

 

تعريف علم العقيدة:

التعهد على الإيمان المطلق بالله تعالى وكونه خالق كلّ شيء وإليه الرّجوع دون تردد، وهي أشرف العلوم لأنه يبحث عن إثبات الله تعالى (وصفاته وأسماءه وأفعاله وتوحيده) ثم بملائكته الكرام وبكتبه المقدسة وبرسله المعصومين الطّاهرين وبالوحي المنزل لهم وباليوم الأخر (القيامة، الحشر، الحساب) وبالقضاء والقدر (خيره وشرّه)، وكذلك يبحث عن مواضيع الهداية والضّلال والتّوكل والرّزق والأجل والتوسل والوسيلة (الدّعاء والشّفاعة) ورؤية الله تعالى.

ومن العقائد المشهورة في الإسلام: هي الأشعرية والماتريدية والمعتزلة والطّحاوية والنسفية والعدّية ونحو ذلك. والأدلة عند الكل كتاب الله وسنة رسوله. ولا يجوزون العقل في الإثبات ويجوزون الاستفادة من ثقافة العصر وخصوصًا في ميادين علوم الفلك والطّب والفيزياء ونحو ذلك من أجل تأييد قضايا العقائد وتثبيتها.

 

آيات قرأنية على علم العقيدة:

(ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله)[1]. (ليس البرّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب)[2]. (آمن الرّسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كلّ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله)[3]. (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضلّ ضلالاً بعيدًا)[4].

 

ماهي أركان الإيمان؟

 

1ـ الإيمان بالله:

1ـ توحيد الرّبوبية: الرّب في اللغة: هو الملك المدبّر. وربوبية الله على خلقه تعني تفرّ التي لا تنفك عن الله سبحانه وتعالى كالنفس والعلم والحياة والقدرة والسّبحلة سبحانه في حلقهم وملكهم وتدبير شؤونهم (آلا له الخل والأمر تبارك الله ربّ العالمين)[5]. وهو المستحق وحده للحمد والشكر والذّكر والدّعاء والرّجاء والخوف وغير ذلك.

2ـ توحيد الألوهية: ومعناه بعبارة إجمالية الاعتقاد الجازم بأن الله هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده بالعبادة، لأنه ربّ العباد. فبذلك تكون علاقة المعبود بالعباد، الانقياد والتذليل والخضوع.

3ـ توحيد أسماء الله الحسنى وصفات الله العليا: ومعناه بعبارة إجمالية الاعتقاد الجازم بأن الله عزّ وجل متصف بجميع صفات الكمال ومنزه عن جميع صفات النقص وإنه منفرد بهذا عن جميع الكائنات. وأسماء الله الحسنى كما نعلم (99) اسم. أما صفاته نوعان:

1ـ الصفات الذاتية: فهي التي لاتنفك عن سبحان الله تعالى كالنفس والعلم والحياة والقدرة والسّمع والبصر والوجه والكلام والقِدم والملك والعطمة والكبرياء والعلو والغنى والرّحمة والحكمة.

2ـ صفات الفعل: فهي ما تعلق بمشيئة الله تعالى وقدرته كالاستواء والنزول والمجىء والعجب والضّحك والرضى والحب والكُره والسّخط والفرح والغضب والمكر والكبد والمقت.

 

2ـ الإيمان بملائكته وكتبه وسله واليوم الأخر وبالجنة والنار:

معرفة ما يجب في حقهم وما يستحيل وما يجوز ويكون عن طريق كتاب الله تعالى وأحاديث رسول الله تعالى.

 

3ـ الإيمان بالقدر:

معرفة ما يجب في حق الله وما يستحيل وما يجوز ويكون في هذا الموضوع، وقد وردت لنا جوابهم عن طريق كتاب الله تعالى وأحاديث رسول الله تعالى، لقد سئل جبريل عليه السلام الرسول (ص) ما الإيمان فأجابه (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلهِ واليوم الأخرِ وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه البخاري ومسلم. علمًا أن موضوع القدر لم يذكر في القرآن الكريم.

 

الفرق بين الإيمان والإسلام:

الإيمان كما ذكرنا أعلاه قد يمكن أن يؤمن بالله تعالى كافة الأديان السّماوية ولكنه لا يمكن أن يكونوا مسلمين لأن كلمة الإسلام يختص بتطبيق أوامر الدّين الإسلامي والإسلام بمعنى التسليم إلى الله والعمل بأوامره ويأتي بعد الإيمان به وهي عمل بعد الإيمان فقال (ص) (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وقال تعالى (الذين آمنوا بأياتنا وكانوا مسلمين)[6]. (وما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًّا ولكن كان حنيفًا مسلمًا)[7]. (ومن يبتغِ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه)[8]. والإيمان يكون كما تعلمون في حديث النبي (ص) (من أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان) رواه أبو داود وغيرهم.

 

قصّة العلاّمة اينشتاين:

 

عندما جاءته جماعة من اللاهوتيين والعقليين والماديين إلى مكتبه في معهد الدّراسات العليا في جامعة برنستون ليحكم بينهم في موضوع الله تعالى، بعد أن اختلفوا حوله فقد سألوه ما رأيك في الله تعالى؟ فأجاب قائلاً: { لو وفقتُ أن أكتشف آلة تمكنني من التكلم مع الميكروبات، فتكلمت مع ميكروب صغير واقفٍ على رأس شعرة من شعرات رأس إنسان، وسألته أين تجد نفسك؟ لقال لي إني أرى نفسي على رأس شجرة شاهقة أصلها ثابت وفروعا في السّماء عند ذلك أقول له: إنّ هذه الشّعرة التي أنت على رأسها إنّما هي شعرة من شعرات رأس الإنسان، وإنّ الرأس عضو من أعضاء هذا الإنسان. ماذا تنظرون؟ هل لهذا الميكروب البكتيري أو الفيروس المتناهي في الصّغر "حجمه جزء واحد من ألف مليون جزء من السّنتمتر المكعب ووزنه جزء واحد من مليون جزء من الغرام" أن يتصور جسامة الإنسان وكبره! كلاّ إني بانسبة إلى الله لأقلّ وأحطّ من ذلك الميكروب بمقدار لا يتناهي، فأتى لي أن أحيط بالله الذي أحاط بكل شيء، ثمّ تابع كلامه، إنّ أعظم وأجمل شعور يصدر عن النفس البشرية هو ما كان نتيجة التّطلع والتّفكر والأمل في الكون وإبعاده وخفائه وظلامه. إنّ الذي لايتحرك شعوره وتتموج عاطفته نتيجة هذا التأمل لهو حيّ كميّت. وإنّ خفاء الكون وبُعد أغواره وحالك ظلامه يخفي وراءه أشياء كثيرة منها الحكمة والجمال. لا تستطيع عقولنا القاصرة أن تدركها إلاّ في صور بدائية أولية، وهذا الإدراك للحكمة والإحساس بالجمال في روعة، هو جوهر العبادة عند بني البشر. إنّ ديني هو إعجابي بتلك الرّوح السامية التي لا حدّ لها، تلك التي تتراءى في التفاصيل الصّغيرة القليلة التي تستطيع إدراكها عقولنا الضّعيفة العاجزة، وهو إيماني العاطفي العميق بوجود قدرة عاقلة مهيمنة تتراءى حيثما نظرنا في هذا الكون المعجز للإفهام. وأن هذا الإيمان يؤلف عندي معنى الله[9]. ويقول أيضًا العلم بدون دين كالجسم بدون روح، والدّين بدون علم كالجسم بدون عين.

 

إثبات الأعرابي على وجود الله تعالى:

 

سُئل إعرابي عن الدّليل على وجود الله تعالى فقال: البعرة تدل على البعير، والرّوثة تدل على الحمير، وأثار القَدم تدلّ على المسير، فسماء ذات أبراج وأرضٍ ذات فُجاج وبحار ذات أمواج أما تدلّ على الصانع الحليم العليم القدير. هذا هو الأسلوب السّليم في الوصول إلى الحقائق فيكون بالتفكر والتعقل والسّؤال عن الملموسات والمواد، ونحن كبشر مسؤولون عن معرفة الحقائق وصحة الجواب، والقرآن الكريم يؤكد وبشكل مفصل على هذا الموضوع ويأمرنا على السؤال وطلب العلوم في كافة المواضيع عدا الأمور الغيبية ومواضيع ما وراء الطبيعة لأننا لسنا مسؤولون عنها ومهما استطعنا في البحث عن حقائقها نبقى عاجزين أمامها وما علينا إلاّ السمع والطاعة أمام عظمة خالق هذا الكون.

 

الكمال لله وفاقد الشيء لا يعطيه:

 

كيف يمكن للمادة الغير الحية أن يخلق مادة حيّة، والمخلوق كيف يمكن أن يخلق خلقًا أخر وقد خلقه ربّ السموات والأرض. فلو نظرنا إلى مراحل خلق الله للكائنات لعرفنا قدرة الله أكثر، خلق الإنسان من ماء ثمّ أصبح مضغة ثمّ كسى العظام بمضغة وأخيرًا أصبح جنينًا ثم طفلاً له كامل أوصاف البشر، وأنظر إلى الكتكوت كيف يكسر البيض بالقرن ويخرج منه؟ فمن الذي أعطاه القرن وبعد الكسر يخفيه؟ وأنظر كيف سخّر الله حبة الباقلاء إذا زرعناه بأي شكل من الأشكال سوف يكون سويقها فوق الأرض فمن الذي يحركه ويُعده تحت التراب؟ وأنظر إلى قدرة وكمال الخالق كيف أنه سخّر الجمل الكبير لطفل صغير ليجره إلى ما يشاء!

فالذي لا يستطيع أن يملك لنفسه السعادة والصحة والنصرة الدائمة لنفسه أو أن يحفظ نفسه من الهرم والفشل والهزيمة والموت فكيف يمكن له أن يعطي أو ينشر للناس السعادة والصحة والحياة، لقد إدّعى كثير من الطغاة في التاريخ من فرعون ونمرود وإستالين وهتلر وملاحدة وطغاة مثلهم في تواريخ مختلفة.

والإنسان لا يملك من العلوم شيئًا، وإن إدّعوا أنهم كشفوها الشيء و أوجدوها و اخترعوها و صنعوها، فهذا لا يعني أنهم هم المصدر الأول والصانع الأول والكاشف الأول وهم الذين خلقوا المواد الأولية لها. لأن خالق كل شيء هو صاحب ومصادر كل شيء وهو الذي الهمهم إلى كشف ما في السموات والأرض بالعقول التي خلق لهم، وبالقرآن الكريم هداهم وبين لهم أُسس ذلك. حيث قال تعالى (وعلّم آدم الأسماء كلها)، الإنسان العاجز الذي يكشف إلى الآن ماهية الكهرباء والجاذبية والمغناطيس الذي يستعمله، علمهم عن موجودات ما وراء الطبيعة ومن الغيبيات مواضيع كثيرة. والكشف والمعرفة لحقائق كل ذلك يكون بالتعلم والسعي والإجتهاد الدائم (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم)[10]. وحتى أنّ الله تعالى وعد المسلمون وعلّمهم أنهم سيكونوا خلفاء الله في الأرض إذا عملوا بقوانينه وشريعته الغراء.

 

موجز عن الاِنحراف في فهم العقيدة:

 

1ـ التعطيل:

وهو انكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصّفات التي وردت في نصوص القرآن  والسنة الصّحيحة. وتأويل تلك النصوص ومن هذا التعطيل:

ـ تعطيل كلّي كتعطيل الجهيمة (أتباع الجهم بن صفوان) الذين أنكروا جميع الصّفات الإلهية.

ـ تعطيل جزئي كتعطيل الأشعرية الذين ينكرون بعض الصّفات دون البعض، وأول من عرف بالتعطيل الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية وضحى بن خالد بن عبد الله  القسري أمير العراق والمشرق بواسط، خطب الناس يوم الأضحى فقال:

<< أيّهاالناس ضحّوا، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنّه زعم أن الله لم يتّخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلّم موسى تكليمًا>> ثم نزل فذبحه وأخذ هذا المذهب عن الجعد الجهم بن صفوان، ومنه إلى المعتزلة.

ـ لإثبات الصّفات والأسماء لله تعالى على اعتبار أنها مجاز لا حقيقة.

2ـ التّكييف:

وهو حكاية كيفية الصفة كالادّعاء بأن كيفية يد الله مثلاً كذا وكذا.

3ـ التّمثيل والتشبيه:

والتمثيل هو إثبات المثل للشيء، أما التشبيه فهو إثبات متشابه له، فالتمثيل يقتضي المساواة من كل وجه أما التشبيه فيقتضي المساواة في أكثر الصفات، والفرق بينهما وبين التكييف هو:

ـ أن التكييف هو حكاية كيفية الشيء سواء أ كانت مطلقة أم مقيّدة بشبيه. وأما التمثيل والتشبيه فيدلان على كيفية مقيدة بمماثل أو مشابه، فمن هذه الناحية يكون التكييف أعم لأن كل ممثل مكيف وليس العكس.

ـ إن التكييف يختص بالصفات، أما التمثيل فقد يكون في الذّات والصفة، فمن هذه الناحية يكون التمثيل أعم لتعلقه بالذّات والصفات.

التشبيه الذي ضلّ به من ضلّ من الناس: نوعان

 

ـ تشبيه المخلوق بالخالق:

ومعناه أن يثبت للمخلوق شيئًا مما يختص به الخالق من الأفعال والصفات والحقوق كزعم المشركين أن مع الله خالقًا، أو الصفات كفعل الغلاة في مدح النبي (ص) أو الحقوق مفعل النصارى بالمسيح والمشركين بأصنامهم حيث زعموا أن لها حقًا في الألوهية فعبدوها مع الله تعالى.

ـ تشبيه الخالق بالمخلوق:

ومعناه أن يثبت لله في ذاته أو صفاته من الخصائص مثلما يثبت للمخلوقين. من ذلك القول بأن يد الله مثل أيدي المخلوقين واستواءه كاستوائهم ونحو ذلك.

 

4ـ الإلحاد:

الإلحاد في اللغة: الميل وفي الاصطلاح: الميل عما يجب اعتقاده أو عمله وهو قسمان: إلحاد في أسماء الله، وإلحاد في آيات الله.

فأما الإلحاد في أسمائه تعالى فهو أنواع منها:

1ـ أن ينكر شيئًا منها أو مما دلت عليه من الصفات كما فعل المعطلة.

2ـ أن يجعلها دالة على تشبيه الله بخلقه كما فعل المشبهة.

3ـ أم تسمى الله بما لم يسم به نفسه كتسميته النصارى له (أبًا) وتسمية الفلاسفة إياه (علة فاعلة) ونحو ذلك.

4ـ أن يشتق من أسمائه سبحانه أسماء كاشتقاق (اللاّت) من الإله و(العزى) من العزيز.

5ـ التجهيل: ونعني به ما اعتقد بعض المسلمين من أن جاء به الرسول (ص) من نصوص الصفات ألفاظ مجهولة لا يعرف معناها حتى الرسول (ص). وهذا غير صحيح من قريب أو بعيد. وإنّ الانحراف في فهم العقيدة كان مصدره الفرق الإسلامية[11].

 

تلقين الميت مشروع و جائز على المذاهب الاربعة:

قال النووي في الاذكار وأما تلقينُ الميّت بعد الدفن فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه، وممّن نصَّ على استحبابه: القاضي حسين في تعليقه، وصاحبه أبو سعد المتولي في كتابه "التتمة"، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإِمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب. وأما لفظه فقال الشيخ نصر: إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول: يا فلان بن فلان! ذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا: شهادة أن لا إِلهَ إِلاَّ اللّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأن اللّه يبعث مَن في القبور.

قل: رضيت باللّه ربّاً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمد صلى اللّه عليه وسلم نبيّاً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبالمسلمين إخواناً، ربّي اللّه لا إِلهَ إِلا هو، وهو ربّ العرش العظيم. هذا لفظ الشيخ نصر المقدسي في كتابه "التهذيب"، ولفظ الباقين بنحوه، وفي لفظ بعضهم نقص عنه، ثم منهم مَن يقول: يا عبد اللّه ابن أمة اللّه! ومنهم مَن يقول: يا عبد اللّه بن حوّاء، ومنهم من يقول: يا فلان ـ باسمه ـ ابن أمة اللّه، أو يا فلان بن حوّاء، وكله بمعنى.

 

وعن أسئلة الملكين للميت تكون كالآتي:

 

1ـ من ربك ؟ الجواب: الله ربي. 2ـ ما دينك ؟ الجواب: الإسلام ديني. 3ـ من نبيك؟ الجواب: محمد نبي. 4ـ ما هو قبلتك؟ الجواب: الكعبة قبلتي 5ـ من هو إمامك؟ الجواب: القرآن إمامي. 6ــ من هم إخوانك؟ الجواب: المسلمون إخواني. 7ـ من هم أخواتك؟ الجواب: المسلمات أخواتي.

 

لماذا نحب الله تعالى؟

 

لأنه خالقنا وخالق الكائنات من أجل صاحب الصفات العظيمة والأسماء الحسنى: فهو صانع كل مصنوع، خالق كل مخلوق، رازق كل مرزوق، كاشف كل مكروب، فارج كل مغموم، راحم كل مرحوم، ناصر كل مخذول، ساتر كل عيوب، ملجأ كل مظلوم، طاعم كل جائع، مالك كل الملك، أعلم من كل عليم، ألطف من كل لطيف، أحب من كل حبيب. ونحبه لأنه دليل المتحيرين، غياث المستغيثين، صريخ المستصرخين، جار المستجيرين، ملجأ العاصين، غافر المذنبين، أمان الخائفين، مجيب دعوة المضطرين، راحم المساكين، أنيس المستوحشين، بديع السموات والأرض، محيي الأموات، منزل البركات، شديد العقاب، ربّ الجنة والنار، ربّ الأنبياء والأخيار، ربّ العبيد والأخيار، ربّ العبيد والأحرار، ربّ الليل والنهار، ربّ الشمس والقمر، ربّ الحبوب والأثمار، ربّ الأشجار والأنهار، ربّ الحيوانات والطيور. ونحبه لأنه صادق الوعد، رازق الطفل، موفي العهد، لطيف بالعباد، عالم السّر، فالق الحب والنوايا، عظيم العفو، عظيم المن، وهو ربّ كل شيء، إله كل شيء، قبل كل شيء، خالق كل شيء، فوق كل شيء، بعد كل شيء، قادر على كل شيء، عالم كل شيء، صانع كل شيء، خائف منه كل شيء، خاشع له كل شيء صائر إليه كل شيء، هالك كل شيء. ونحبه لأنه ذو النعمة السابغة، ذو القدرة الكاملة، ذو الكرامة الظاهرة، ذو العزة الدائمة، ذو الحكمة والبيان، ذو الحجة والبرهان، ذو العظمة والسلطان، ذو الجود والإحسان، ذو القدس والسبحان، ذو الرحمة الواسعة.

 

كتب علم العقيدة:

 

1ـ عقيدة المسلم ـ لمحمد الغزالي. 2ـ خصائص التصور الإسلامي ـ لسيد قطب. 3ـ قصة الإيمان بين العلم والفلسفة. 4ـ تبسيط العائد الإسلامية ـ لحسن أيوب. 5ـ الطب محراب الإيمان ـ للدكتور خالص جلبي. 6ـ الله يتجلى في عصر العلم ـ لثلاثين عالم أمريكي. 7ـ الإسلام يتحدى، الله العلم الحديث ـ لوحيد الدين خان. 8ـ مناهج الأدلة ـ لابن رشد. 9ـ الله جل جلاله ـ لسعيد حوى. 10ـ نظام الإسلام في العقيدة والعبادة ـ لمحمد المبارك. 

 

الفصل الثاني

المختصر في علم الكلام

 

تعريف علم الكلام :

 

علم الكلام هو من العلوم المستحدثة في الإسلام، جذوره ومبادئه موجودة في الكتاب والسنة ويبحث فيه عن إثبات أصول الدين الإسلامي أي الألوهية التي تشمل التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد، بالأدلة التي تفيد اليقين وتسبب الاعتقاد. ويتكفل هذا العلم الإسلامي أيضًا بدراسة المسائل الاعتقادية وأصول الدين وإثباتها بالأدلة والحجج، ومناقشة الأقوال والآراء المخالفة لها، ونقد الشبهات المطروحة حولها ودفعها بالحجة والبرهان.

تعريف أخر لعلم الكلام: علم يبحث في ذات الله وصفاته القديمة وصفاته العقلية، وأحوال الأنبياء وفي أحوال الموت والحياة والقيامة والبعث والحشر والحساب ورؤية الله تعالى[12]. وهم يدّعون أنهم أهل الرّأي والنّظر، دون أن يثبتوا كلامهم بالبرهان والتّجربة والمشاهدة وقد نظروا النّجومَ وقالوا أنها بقدر الدّينار وثبت أنّها أكبر من الأرض[13]. لقد ظهر عند ظهور أهل البدع في الكلام الذين إدّعوا أن إثبات اللّه يأتي بقبول العقل له والنظر فيه وكذلك إثبات القرأن والنّبيين والغيبيات يكون إثباتهُ عقلاً، ويكون الإثبات من الكل إلى الجزء عمومًا وقد يكون من الجزء إلى الجزء أو من الجزء إلى الكل. ويمكن القول أنّه كلام مرّتب باستدلال للرد على أهل البدع وهذا غير كاف طبعًا. ويدخل في هذا العلم مواضيع الفلسفة الدّينية أيضًا.

 

بعض الاصطلاحات المستعملة في علم الكلام:

 

(التّحديد، التّثبيت أو الإثبات، التّشبيه، التّمثيل، التّكييف، التّعطيل، التّجهيل، القياس، البيان القطعي، الإضافي، الإستدراج، الواقع الحقيقة، الوجود المطلق، الكامل المطلق، الله، الجبر، الاختيار، الوجود، الموجود، الخالق، المخلوق، البداية، النّهاية، الخير، الشّر، السّعادة، الشّقاء، الدّليل العقلي، الدّليل النّقلي، المنهج العلمي، المنهج الرّوحي، أزلي، روحاني، مادي، جُزئيّات، كُليّات).

 

أقوال العُلماء على علم الكلام:

 

أئمة السّلف: لقد هاجموا على علم الكلام وأهله وشدّدوا الحملة عليه، لأنّ مباحثها قد تأثّرت بالتّفكير اليوناني الفلسفي القديم، وبالأسلوب اليوناني في معالجة شئون العقيدة.

الإمام الشّافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان والإمام النّووي وجميع أهل الحديث من السّلف: لقد حرّموا دِراستها وقراءتها إلاّ لأجل الرّد على أهل البدع والفلاسفة اليونانيين، وإذا لم تشع في بلد عقائد أهل البدع لا حاجة فيه إلى علم الكلام، أي إذا كان هناك المعلومات الإضافية على الكتاب والسّنة.

3ـ وقال بعض الفرق الإسلاميّة: أنّه فرضٌ على الكفاية. وقال الأخرون، أنّه بدعةٌ[14].

4ـ وقال ابن خلدون: علم الكلام هو الدّفاع عن العقائد الإيمانيّة بالأدلة العقلية.

5ـ وقال جلال الدّين محمد بن أسعد الصّديقي الدواني: في رسالة إثبات الواجب (ذم التّبحر في علم الكلام)، يشتغلُ بمدرستها بعض الطّلبة مقدار سنة، ومضمونها مسألة واحدة، هي أن للعالمِ إلهًا واجب الوجوب مع أدلّة طويلة واهية، ومجادلات كثيرة لا ينتج عن الاشتغال بها إلاّ توْهين العقيدة وإيراد الوسواس المُهلكة، ومنْ شك في الله سبحانه: (أفي الله شك فاطر السّماوات والأرض) إبراهيم 10، فهيهات له اليقين من تلك الرّسالة، بل الاشتغال بها يورثُ شكًّا لأرباب اليقين ويزيد شكًّا للشاكين[15].

وعند أهل السّنة والجماعة: لقد أبعدوا البدع منها، أي الرّوايات التي يستند إلى العقل، وبهذا الشّكل خرج من أن يكون علم أهل البدع لأنه يستند إلى الكتاب والسّنة. فالأراء المثبة عقلاً وأيدتها القرآن والسنّة لا تكون بدعة. وهكذا دافعوا عنه واعتبروه علم من العلوم الإسلاميّة.

روى الحافظ ابن الجوزي، باسناده الى الامام علي: أنه قال: "لست بصاحب كلام... ولا أرى الكلام في شيء من هذا الا ما كان في كتاب الله او حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم او عن اصحابه فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود ."

وعن الإمام أحمد رضا أنه قال: "لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة".

وروى الحافظ البيهقي باسناده اليه انه قال لأناس تناظروا في علم الكلام: (الكلام لا غاية له، تناظروا في شيء إن أخطأتم فيه يقال لكم: أخطأتم ولا تناظروا في شيء إن أخطأتم فيه يقال لكم: كفرتم).

10ـ ولم يكن الإمام أبو حنيفة وأصحابه بعيدين عن اتخاذ موقف من علم الكلام، فقد صنف كتابًا في الرد على القدرية سماه (كتاب الفقه الأكبر) وقد تابعه الإمام أبو يوسف حيث قال في المعتزلة : إنهم زنادقة.

 

تاريخ نشوء علم الكلام عند الإماميّة:

 

أما تاريخ نشوء هذا العلم وتأسيسه وتطوره فيعود ـ كما عليه جماعة من المحققين والعلماء ـ إلى عهد الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السَّلام) والأئمة المعصومين من أبناء علي (عليهم السَّلام)، فهم الذين وضعوا اللبانات الأساسية والقواعد الرئيسية لهذا العلم، ثم إن أصحاب أئمة أهل البيت (عليهم السَّلام) هم الذين تعلموا هذا العلم وتسلَّحوا بسلاحه دفاعا عن العقيدة الإسلامية. يقول العلامة المُحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني (حفظه الله) ما ملخص: " فقد أُسِّس علم الكلام في بدايات القرن الأول الهجري، ولم يكن تأسيسه وتدوينه إلا لضرورة دَعت إليها حاجة المسلمين إلى صيانة دينهم وعقيدتهم وشريعتهم من تهاجمات الأفكار المضادة التي شاعت إثر الاحتكاك الثقافي بين المسلمين وغيرهم وبسبب ترجمة الكتب الفلسفية والاعتقادية للفرس واليونان، فلم يجد المسلمون سبيلا إلاّ التسلح بالبراهين العقلية كي يصونوا بذلك معتقداتهم ويدافعوا عنها، لكن التاريخ يشهد بأن قسما كبيرا من مسائل علم الكلام حول المبدأ والمعاد، وحول التوحيد والعدل متخذة من خطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلام) وانه هو البطل المقدام في دعم هذه الأصول وأحكامها، ولو اعترفت المعتزلة بأن منهجهم الكلامي يرجع إلى علي (عليه السَّلام) فقد صدقوا في انتمائهم وانتسابهم إلى ذلك المنهل العذب الفياض، وليس علي وحده من بين أئمة أهل البيت أقام دعائم هذا العلم وأشاد بنيانه، بل تلاه الأئمة الأخر منهم.

ويقول العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي: "وأما الحكمة والبحث في الأمور الإلهية ، فلم يكن من فن أحد من العرب … وأول من خاض فيه من العرب علي (عليه السَّلام) … ولهذا انتسب المتكلمون الذين لججوا في بحار المعقولات إليه خاصة دون غيره، وسموه أستاذهم ورئيسهم ، واجتذبته كل فرقة من الفرق إلى نفسها … ".[16]

 

مواضيع علم الكلام:

 

تثبت العقائد الدينية بإيراد الحُجج عليها ورفع الشّبهه عنها، أي أنه نفس مواضيع العقيدة تقريبًا.

1ـ يبحث عن إثبات ذات الله وصفاته ورُؤيتهِ وعظمته. 2ـ يبحث عن إثبات القرأن الكريم.

3ـ يبحث عن أحوال الأنبياء. 4ـ يبحث عن أحوال الغيبيّات كلها (المِعاد)[17]. ومن مواضيع علم الغيب (المفقود): عمومًا ينقسم إلى قسمين من العلم:

أ ـ علمٌ في الخلقِ موجودٌ : أي الوجود والموجود والخالق والمخلوق.

ب ـ وعلمٌ في الخلقِ غيبٌ (مفقودٌ): لايعلمها إلاّ الله والرّاسخون في العلم (الأولياء والصّالحون)، وإنكارهما كُفرٌ، وترك العلم بالغيب (المفقود) واجبٌ. ويمكن تقسيم الغيب إلى الغيب المطلق وهي رؤية الرّحمن وعظمته وعرشه. والغيب الغير المطلق بقية الغيبيّات وعند معرفته أو كشفه يخرج من الغيب فمثلاً معرفة جنسية الطّفل وما في السّموات ونحوه. ومن الأمثلة على ذلك:

1ـ ذات الله وأسماءه وصفاته. 2ـ عرش الرّحمن. 3ـ الملائكة والجن. 4ـ الحياة والموت: أي يمكن السؤال عن لماذا خلق الله الانسان وكيف يحييه وفي أيّ أرضٍ يموت ومتى يموت؟  وعند تحقق ذلك يخرج من الغيب. 5ـ القضاء والقدر. 6ـ الخير والشّر. 7ـ مفهوم الشّقي والسّعيد. 8ـ ملك الموت وقبضة الأرواح ولكن لايموت الأرواح. 9ـ كيفيّة تحقق الهداية والإيمان وعلاقة الخالق بالمخلوق. 10ـ مَن الّذي في الإضلال والكُفر؟. 11ـ ماذا ستحمل الأُنثى؟  12ـ سؤال القبر وعذاب القبر ونعيمه ومُنكر ونكير. 13ـ حياة البرزخ. 14ـ ماهيّة الرّوح. 15ـ وما تغيث من الأمطار. 16ـ صراط المستقيم والاجتياز عليهِ. 17ـ الكسب والرّزق. 18ـ كرام كاتبين. 19ـ يوم القيامة ويوم الحشر ويوم الحساب ويوم الميزان. 20ـ كيف ومتى تتحقّق الابتلاء الجزاء؟ ومتى الفرج؟  21ـ الشّفاعة لمن؟ 22ـ لماذا طُرد آدم؟ 23ـ هل يأتي خلق جديد بعدنا؟  24ـ العالم أزلي أم مخلوق؟  25ـ متى البداية والنّهاية؟  26ـ في أيّ صورةٍ يُخلد الإنسان في الأخرة؟ 27ـ معجزات الأنبياء وابتلائهم. 28ـ حقيقيّة الجنّة وجمالها ومكانها مع حقيقة الجهنّم وعظمتهِ ومكانهِ والزّبانية الغلاظ الموجودة فيها.  29ـ أوائل السّور والألغاز والمعجزات والمتشابهات الموجودة في آيات القرآن الكريم. 30ـ معنى قولهِ تعالى (خالدين فيها إلاّ ما شاء الله ربّك). 31ـ يأجوج ومأجوج. 32ـ دابّة الأرض.  33ـ كيف ومتى تتحقّق الدّعاء؟  34ـ رفع عيسى (ع) ونزولهِ، علمًا أنّ العالم محمد عبده أنكر رفعهِ. 35ـ متى نصر الله للمسلمين. ونحو ذلك.

ملاحظة : هناك بعض الإشارات الغيّبية التي وضحه لنا القرآن والسنة، فمثلاً لقد علّمنا عن ذات الله وصفاته وعن الجزاء والعقاب ويوم القيامة وماهيّة الجنّة وحديقتها العظيمة التي فيها من الفواكه والطّيور والحيوانات والأنهار والأشجار والقصور وذكر لنا أسماء الجنّة عددهم (8) ونذكر حسب التّسلسل جنّة (الجلال، السّلام، المأوى، الخُلد، النّعيم، الفردوس، القرار، العدن)، وكذلك دار الحيوان، المقام الأمين، مقعد صدق، وجنّة الرّيان، وجنّة الوسيلة. وعن ماهية الجهنم وأهوالها وفيها نيرانها ولها أبوابها وعددهم (7). وكذلك يذكر لنا مَواضيع كثيرة مهنا الرّوح والملائكة وقواعد الهداية والضّلال، وقواعد مسّ الابتلاء والجزاء...

 

فوائد علم الكلام:

 

معرفة أصول الدين معرفة علمية قائمة على أساس من الدليل و البرهان.

القدرة على إثبات قواعد العقائد بالدليل والحجة.

3ـ القدرة على إبطال الشبهات التي تثار حول قواعد العقائد .

سبب تسميته بعلم الكلام: في سبب تسمية هذا العلم بعلم الكلام أقوال كثيرة نشير إلى أهمها وهي:

1ـ إن تسميته بهذا الاسم مأخوذة من أول مسألة طرحت على بساط البحث في هذا العلم وهي مسألة كلام الله عَزَّ وجَلَّ هل انه حادث أم قديم.

2ـ سُمِّي بهذا الاسم لأنه كان من عادة علماء الكلام الأوائل بدأ مقالاتهم في كتبهم الاعتقادية التي تبحث عن أصول الدين بـ " الكلام في كذا " ومن هنا جاءت التسمية.

3ـ بما ان من شان هذا العلم زيادة قدرة متعلميه على التحدث والكلام في مجال العقيدة والاستدلال فلذلك يطلق عليه علم الكلام.

 

هل نحن بحاجة إلى علم الكلام؟

 

تكشفت في عصرنا الحاضر الكثير من الحقائق العلمية، وظهرت معارف جديدة متنوعة، مما جعل الحاجة ماسة إلى مواجهة هذا الكم الهائل من المعلومات والنظريات بطريقة تخدم الدين بشكل فعال ومنتج. ولا بد من الاعتراف بان هذا لا سبيل إليه إلا بالتفكير الصحيح المنتج، ولا يكون أبدًا عن طريق المنطق ولا أساليب علم الكلام، لأنه لا قِبَل لها بهذا الكم المتزايد من المعلومات. ومن اجل خدمة الدين والمساعدة على نشره بشكل واعي فلا بد لنا إما أن نلغي علم الكلام، أو أن نجري عليه تعديلات جوهرية في الشكل والمضمون. إذ صار من المناسب أن يُطلق عليه علم العقائد لأنه في حاجة إلى مواجهة نظريات فلسفية وعملية جديدة، وصار في حاجة إلى استخدام طرق وأساليب جديدة تناسب العصر وتخاطبه بلغته التي يفهمها . ولهذا فإني أرى ما يلي:

ـ إلغاء المنطق أو جعله جزءً من علم العقائد لمن تهواه نفسه ويميل إليه تفكيره. فالمنطق نظام مغلق غير منتج، والإبقاء عليه يعني الإبقاء على علم العقائد نظامًا مغلقًا إلى أبد الآبدين. كما أن المنطق عالة على الفكر الصحيح ، وقد رفضه أحفاد اليونان الغربيين أنفسهم؛ فمنهم من اعتبره وُلد ميتًا، ومنهم من اعتبره ولد كاملاً ولم يتقدم خطوة إلى الإمام، ومنهم من اعتبره من موضوعات البلاغة، بل قد عده بعضهم صنمًا يحرف عن التفكير الصحيح.

ـ إعادة النظر في مفهوم العقل، لا سيما على ضوء ما استجد من حقائق علمية عن التفكير وتركيبة الدماغ. وقد بيَّنتُ في اكثر من مقالة أن الفكر الإسلامي مصدر رحب لذلك، وان رؤيته لمعنى العقل رؤية ليس لها مثيل، وهذا ما جعلني اقرر مثلاً بان المقصود بنقصان عقل المرأة ليس هو ما درج عليه الناس على مر العصور من انه نقص في قدراتها العقلية، بل الموضوع أوسع من ذلك وأعمق.

 وقد يكون الانطلاق من تعريف النبهاني مفيدًا جدًّا لان العقل لا يمكنه التفكير في المغيبات، وإذا فعل فلا سبيل إليه إلا من خلال المحسوس. وأفكار علم الكلام تخالف ذلك بشكل صريح، من هنا لا نستبعد أن تكون أفكاره بعيدة عن الواقع .

ـ وهذا يقودنا إلى ضرورة التركيز على القرآن الكريم والسنة المطهرة بما فيهما من مظاهر الإعجاز الفكري والعلمي. غير أن الإعجاز الفكري هو اقرب إلى حضارة الأمة وفكرها من الإعجاز العلمي الذي يُعتبر عالة على ما ينتجه الغرب فقط، وحتى لو أجرى علماء المسلمين أبحاثًا فلن تمر دون موافقة الغرب لها. أما الإعجاز الفكري فينطلق من فهمنا للقرآن والسنة والفكر الإسلامي وبما استجد من حقائق بشكل جزئي نستأنس به على ما عندنا .

ـ ضرورة جعل نصوص القرآن والسنة هي المعتمد والمرجع لا ما نتوصل إليه بالعقل المستند إلى المنطق، لان هذا الأخير يحتاج إلى مرجعية تصححه، ومَنْ غير القرآن والسنة يكون مرجعًا يُفتخر به!.

ـ عدم تقييد الناس بالإيمان عن طريق العقل، فواقع العقائد الإسلامية انه يمكن تقبلها وعشقها بمجرد معرفتها والتعايش معها. فليعتنقها من شاء بالطريقة التي يشاء، سواء كانت بالعقل أو بغيره.

ـ أن يجتمع أصحاب المذاهب العقائدية الإسلامية على كلمة سواء بينهم فهم أولى بها، وان يتجادلوا بالتي هي احسن، وان يحتكموا إلى الكتاب والسنة من اجل كشف الحقائق بموضوعية. وليس لهم إلا التفكير المتوازي المتعاون فهو السبيل إلى كشف الحقائق التي تخدم الدين والمسلمين وتجمع الكلمة.

ـ الاعتماد على الواقع في التفكير بدلاً من الخوض في فرضيات وتخيلات لا أساس لها. فالذين يقولون مثلاً أن الله لا داخل العالم ولا خارجه، يمكن أن يقال لهم وهو في العالم وخارجه معًا، أو مرة هنا ومرة هناك، أو في أي منها بشكل لا نتصوره. على أن هذا القول النظري ترد عليه إشكاليات منها أين الله قبل خلق العالم ، هل كان أيضا لا داخل العالم ولا خارجه؟ وهذا القول هو باعتبار العالم فقط. كذلك من يقول أن الله لا تحده حدود، فبعد خلقه العالم ماذا حصل لهذا الواقع؟ كذلك القول بأنه قديم هو باعتبار العالم، فهل الحكم مستمر قبل ذلك، والنسبة لا تكون إلا إليه؟ والمقصود أن التفكير في المغيبات ترد عليه إشكاليات كثيرة تبدو متناقضة يهدم بعضها بعضًا لأنها تفتقر إلى المرجعية. لهذا ليس من طريق سليم إلا الالتزام بنصوص الكتاب والسنة والعض عليها بالنواجذ.

ـ التوقف عن السب والشتم والتجهيل فهذا من أمارات نقصان العقل!. منقول.

 

القواعد الأربعة للوصول إلى أنّ الخالق ليس بحادث:

 

1ـ لا بُدّ لكل حادث من محدث: إذن فهذا العالم لابُدّ له من خالق، فإنكارهُ ضلال وخطأ.

2ـ أنّ هذا الخالق كامل مطلق: فنسبة العجز والافتقار إليهِ ضلال وخطأ.

3ـ أنّ الكامل المطلق لا يفتقر إلى الموجد: فالسّؤال عن خالق الخالق ضلال وخطأ.

4ـ يُعرف الكامل المطلق ولا يُحاط بهِ: فتوقف الإقرار بهِ على الرّؤية أو الأحاطة، ضلال وخطأ [18].

 

مساهمة علم الكلام في تحريف فهم العقيدة:

 

بعد إتساع بلاد الشام نتيجة للفتوحات إتصل المسلمون بأمم وشعوب أخرى، ونتيجة لهذا الاحتكاك فتح باب الجدل حول عقائد الطرفين. وبالتدريج نشأ علم الكلام وعُرف المشتغلون به بالمتكلمين كالمعتزلة والأشاعرة وأهل السنة والجماعة. فعلم الكلام هو علم موضوعه الأمور الاعتقادية وإثباتها بطريقة عقلية محضة. إنّ غاية المتكلمين وإن كانت الدفاع عن الإسلام في وجه خصوصه، إلاّ أن المتكلمين إتبعوا وسائل مخالفة لنهج القرآن في تحقيق تلك الغاية. وبهذا نشأ منهج جديد يخالف منهج الكتاب والسنة ومنهج الصحابة والتابعين وتابعيهم .

 

اِنحرافات المتكلمين:

1ـ اعتقد المتكلمون أنَ تعلَم المنطق أمر ضروري للدفاع عن العقيدة، ولذا من لايُتقنهُ من المسلمين ـ في نظرهم ـ عاجزًا عن البرهان على صحة وسلامة معتقده.

2ـ قاس المتكلمون الله تعالى على الإنسان مما أدى بهم إلى تجاوزات واستنتاجات منحرفة فعلى سبيل المثال أوجبوا على الله العدل كما يراه ويتصوره الإنسان.

3ـ سلّط المتكلمون العقل على نصوص الكتاب والسّنة واستنتجوا لأنفسهم آراء غريبة عن فهم الصّحابة لتلك النصوص، وبعبارة أخرى جعلوا العقل أساسًا ومقياسًا وحُكمًا على العقل.

4ـ أما الآيات القرآنية التي تتعارض مع ما توصلوا إليه فعمدوا إلى تأويلها تأويلاً يوافق ما توصلوا إليه، ولذا فقد إتسم منهج المتكلمين بالتأويل.

5ـ ومظهر أخر من مظاهر انحراف المتكلمين هو أن غايتهم بعد أن كانت الدّفاع عن الإسلام تحوّلت، فلم تعد سوى الغلبة ضدّ بعضهم البعض وهكذا أصبح الجدل الكلامي مجالاً للصراع بين المتكلمين.

6ـ إن خطأ المتكلمين يمكن في أنهم اعتمدوا على قواعد عقلية لم تكن مستنبطة من الكتاب والسنة فلم تكن تلك القواعد بالتالي صحيحة لأنّ العقل الصّحيح لا يناقض ولا يعارض النقل الصّريح الشيء الذي أوصلهم إلى نتائج مخالفة لعقيدة الصّحابة والتّابعين وتابعيهم[19].

 

الفصل الثالث

 

المذاهب والفرق الإسلامية بعد وفاة الرّسول (ص)

 

قبل أن نشرح الفرق الإسلامية ما بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، نرى أنه كان في عهد الرّسول (ص) قبائل مثل الأوس والخزرج والقريش وآل أمية أو قوميات مثل العرب والفرس والروم والمماليك أو على شكل آديان مثل المسلمون والمسيحيون واليهود والصّابئة وعبدة الأصنام والأبقار أو على شكل مسلمون أولياء صالحون ومسلمون ملتزمون ومسلمون منافقون ومرتدّون وكلّهم كانوا يعيشون في عهد الرسول (ص) بآمان واستقرار بفضل الأسوة الحسنة للرسول (ص) وبتطبيقه العدالة والمساواة والحرية والتسامح بين الناس ورعاية حقوق كافة الأديان والمعتقدات مع مراعات مستويات الناس من عالم وجاهل وفقير وغني وطفل وشاب وشيخ كبير ومرأة ونحو ذلك. وهكذا استطاع الرسول (ص) من فتح قلوب الناس ودخولوا أفواجًا وجماعات إلى الإسلام.

أما بعد وفاة الرّسول وعصر السّعادة عصر الخلفاء الراشدين تمكنت الأعداء من زرع الفتن فظهرت النزاعات والاختلافات السّياسية بشكل بارز في العصر الأموي فظهرت ثلاث فرق مذهبية شيعة علي وشيعة معاوية وخوارج لا يعترفون بكليهما، وبسبب توسع نار الفتن وانتشارها إلى بقية الدّول الإسلامية ظهرت فرق مذهبية جديدة وعديدة وخاصة في عهد الدّولة العباسية والتي ظهرت معها الدّولة السلجوقية الإسلامية، فاتّخذت ألونًا جديدة من هذه الفرق لم تشهد مثلها في أيام النبي محمد (ص) ولا في عهد الخلفاء الراشدون فظهرت المذاهب الفقهية والطّرق الصوفية والفرق العقائدية ويقال أن أكبر سبب انتشار هذه الجماعات هو قلة الفتوحات ودخول الكثير من أقوام الدّيانات إلى الإسلام بعد الفتوحات كاليهود والنصارى والمجوس والدّهريون وغيرها فأخذت تظهر أفكار جديدة صيغت من أصحاب الدّيانات القديمة، البستها بثوب جديد فظهرت (73) فرقة ومذهبًا كما جاء ذكرها في حديث الرسول (ص)، ولقد ادّعى بعض العلماء أنّ معجزة الرسول (ص) قد تحققت وهؤلاء الفرق (20) فرقة من الروافض، و(20) فرقة من الخوارج، و(20) فرقة من القدرية المعتزلة، و(7) من المرجئة، والباقي من النجارية والبكرية والكرّامية وأخيرًا الفرقة النّاجية وقد ادّعى أهل السّنة والجماعة (أهل الرأي والحديث) هم يحملون راية هذه الفرقة، وكذلك الشّيعة الاثنا عشرية يدّعون بنفس الأدعاء.

 

بعض المذاهب الملتزمة بالإسلام:

 

1ـ مذهب أهل السّنة والجماعة:

ظهر في عهد التابعين، مؤسس هذا المذهب هو أبو الحسن البصري الأشعري وهو مؤسس المذهب الأشعري، وأبو منصور الماتريدي مؤسس المذهب الماتريدي، ويمكن إضافة الطّحاوي مؤسس العقيدة الطّحاوية والنسفي مؤسس العقيدة النسفية من ظمن مؤسسي مذهب أهل السنة بسبب اتفاقهم على أكثر المسائل العقائدية.

ومن اعتقاد هذا المذهب أنهم في موضوع الموت "الذي قُتل فإنّما مات بأجله". ومن اعتقادهم في الأرزاق "من أكل وشرب فإنّما تناول رزقه حلالاً أو حرامًا".

 

2ـ مذهب الشّيعة الاثنا عشرية:

ظهر أيضًا في عهد التابعين، مؤسس هذا المذهب هو جعفر الصّادق، لقد استقلت الشّيعة بمصادر الحديث والفقه عن غير مصادر أهل السّنة والجماعة مثل كتاب نهج البلاغة المنسوب إلى الإمام علي (رض) والكافي للكايني وهو بمنزلة البخاري، ويعتقدون أنّ الإمامة هي من أهم مسائل أصول الدين عندهم. ويدّعون بعصمة الأئمة عندهم ويدّعون أنهم لا يرتكبون صغائر وكبائر الذّنوب وكذلك يدّعون بعلمهم لكل شيء، بالإضافة إلى ذلك أنهم يرون أن الصّحابة ارتدّوا عن الإسلام إلاّ الثلاثة وقيل إلاّ السبعة. ومن عقيدتهم أيضًا الولاء للأئمة والبراء من أعدائهم (والأعداء التي يقصدونه من ضمنهم مذاهب إسلامية). ويدعون إنّ دين هؤلاء ناقص لا يكتمل إلاّ إذا اعتقدوا مذهب أهل البيت، ومن عقائدهم أيضًا أنّ لفاطمة بنت الرسول (ص) مصحف هو عند الإمام المنتظر موجود في السّرداب ونحو ذلك من العقائد الأخرى الغير موجودة عند أهل السنة.

 

نبذة عن الأئمة المعصومين عند المذهب الشيعي

السّلالة العلوية: علي بن أبي طالب وله زوجتنان خولة وابنها محمد بن الحنفية، وفاطمة بنت محمد (ص) توفيا في المدينة ولفاطمة ابنان الحسن والحسين. فأولاد الحسن (رض): الابن الأول محمد وهو من أشراف المغرب (المراكش)، والابن الثاني حسن وأصبح عنده عبد الله ثمّ محمد وإبراهيم وإدريس (وبعها أدارسة شمال أفريقيا وأدارسة العسير). وأولاد الحسين: علي زين العابدين ثمّ زيد ومحمد باقر ثمّ الأئمة الزّيديون في اليمن، ومن محمد باقر ولد جعفر الصادق ومنه ولد إسماعيل (ومنه ولد محمد والإسماعليون والقرامطة، والدّروز والحشاشيون والنّصيرية والفاطميون والموحدون) وموسى الكاظم وإليكم القائمة الأئمة الاثنا عشرية التي يؤمنون بها:

1ـ الإمام علي (رض) "علي المرتضى".  2ـ الإمام الحسن المجتبى، استشهد في المدينة ـ البقيع. 3ـ الإمام الحسين الشهيد بكربلاء. 4ـ الإمام علي بن حسين زين العابدين (السجاد)، توفي في المدينة ـ البقيع. 5ـ الإمام محمد الباقر، توفي في المدينة ـ البقيع. 6ـ الإمام جعفر الصادق، توفي في المدينة ـ البقيع. 7ـ الإمام موسى بن جعفر الكاظم، توفي في بغداد ـ الكاظمية. 8ـ الإمام علي بن موسى {الإمام الرضا}، توفي في الخرسان ـ المشهد. 9ـ الإمام محمد بن علي الجواد، توفي في بغداد ـ الكاظمية. 10ـ علي بن محمد الهادي (النقي)، توفي في العراق ـ سامراء. 11ـ حسن بن علي العسكري توفي في العراق ـ سامراء. 12ـ مهدي المنتظر.

 

3ـ مذهب الزيدية:

ظهر في عهد التابعين، مؤسس هذا المذهب هو زيد بن علي (زين العابدين) بن الحسين بن علي (رض)، أقرب مذاهب الشّيعة إلى أهل السّنة والجماعة وأتباعهم موجودون في اليمن.

 

4ـ مذهب المرجئة:

ظهر في عهد الصحابة، يدّعون أنّ الإيمان هو معرفة الله تعالى وأمّا العمل فليس من شروط الإيمان، وهذا الرأي مخالف لنصوص القرآن، ويعتقدون بأنه لا أهمية ولا أثر للمعاصي طالما وجد الإيمان، وأنه لا يضر مع الإيمان معصية، وأنّ الله تعالى يعذب الفاسقين من الأمة.

 

5ـ مذهب الظاهرية: ظهر في عهد التابعين، مؤسس هذا المذهب هو داود بن علي الفقيه البغدادي ظهر بالمغرب على يد ابن حزم الأندلسي[20].

 

6ـ مذهب المعتزلة:

ظهر في عهد الصحابة، مؤسس هذا المذهب هو واصل بن عطاء وتابعه عمرو بن عبيد في أوائل القرن الثاني الهجري، وكذلك الحسن البصري ولكنه لم يكن من المغالين. ومن اعتقادهم أنهم نفوا أن يكون لله تعالى خالقًا للشر، ويزعمون أن القرآن الكريم مخلوق وإن كان وحيًّا، وقالوا حدث صفات الفعل الإلهية أي مخلوقة وأنكروا أولية صفاته، وهم من المتشددين مع عصاة المؤمنين عكس المرجئة، ولا يؤمنون بأن الله تعالى يعفو عمن توعدهم من العصاة لأنه لا يخلف الميعاد، فلا يعف عم يشاء، ولا يعفو لمن يشاء. ويدّعون بالمنزلة بين المنزلتين أي أنّ من إرتكب كبيرة يخرج من الإيمان، لكنه  لا يدخل في الكفر، فهو في منزلة بين الكفر والإيمان. ويقولون أيضًا أنّ الله تعالى ليس خالقًا لأفعال العباد الاختيارية، بل الإنسان يخلق أفعاله بقدرته دون حاجة إلى معونة إلهية. وكذلك أعطوا للعقل مكانة كبيرة حتى جعلوا في ميدان الكلام منزلة تعلو على منزلة الدّليل السّمعي، وقالوا في حرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله وأباحوا حرية التفكير. وكذلك رأوا أنّ ما تضمنه القرآن لا يخرج عن واحد من ثلاثةٍ: أمرٌ ونهيٌ وخبرٌ وذلك بنفي صفة القدم. أما في موضوع الموت فيدّعون {أنّ المقتول مقطوع عليه أجله}. وفي الأرزاق يدّعون {أنّ الإنسان قد يأكل رزق غيره}. لقد اتّبعهم الدّولة العباسية وركزوا على الفلسفة اليونانية وإنها محاولة عن إخراج الإسلام عن جوهره. ومذهب القدرية يفكرون مثل المعتزلة[21].

 

7ـ مذهب الأشاعرة: ظهر في عهد التابعين، مؤسسه هو أبو الحسن الأشعري، ومن العجب أنك تجد كثيرًا من المسلمين شافعية وحنفية ومالكيةً فقهًا وأشاعرة عقيدةً، وهؤلاء لم يكونوا من الأشاعرة بل هم من أهل السنة والجماعة، والأشاعرة كما تعلمون ليسوا من أهل السنة والجماعة. والموضوع الوحيد الذين يتفقون مع أهل السنة والجماعة هو موضوع الصّحابة. أما مواضيع العقائد الأخرى فمختلفة بينهما. وحتى يمكن أن نجد عندهم بعض الانحرافات (انظر إلى كتب الكلام والعقائد).

 

من المذاهب الضّالة: كثيرة منها

 

1ـ مذهب الخوارج:

ظهر في عهد الصحابة، وهم جماعة من المسلمين خرجوا عن طاعة علي (رض) لعدم قبول رأيهم، وحكموا بتكفير مرتكب الكبيرة وكفّروا عثمان وعلي رضي الله عنهما، وحتى أنهم استحلوا دمائهم وأموالهم وقسّموا دار السّلام إلى دارين: دار كفر ودار حرب، ويرون عدم اتّباع السّنة التي يظنون مخالفتها للقرآن كالرّجم للزنى المحصن، وقالوا بخلوده في النار. ويعتقدون بجواز كون الرسول (ص) ظالمًا. وأيضًا يعتقدون بأن الذي لا يعرف أسماء الله وتفاصيل الشّريعة كافر، ثمّ أنّ الله تعالى ليس خالق الشّر. غلبت النزعة المعتزلة عليهم ورفضوا رؤية الله تعالى في الأخرة. لقد انقرضوا مع أفكارهم عدا الإباضية منهم وهم الفرقة المعتدلة وأكثر اعتدالاً من الخوارج ويرون من يخالف أمرهم أنهم كفار ولكن كفّار النعمة لا كفر المِلّة وجوزوا أيضًا مناكحت هؤلاء ومعاملتهم ودارهم ليست بدار الحرب ورئيسهم هو عبد الله ابن إباض.

 

2ـ مذهب اليزيدية:

ظهر في عهد التابعين، مؤسسهم يزيد بن معاوية، وقد قيل غير ذلك، وهم من فرق أهل البدع الذين يدّعون بالإسلام والإسلام براء منهم ويسمون بالعدوية أيضًا لانتسابهم إلى عدي بن مسافر، وهم يعتقدون أنه تعهد لهم صومهم وصلاتهم وأنه سيقودهم إلى الجنة بغير حساب. ومن عقائدهم أيضًا أنّ أول مخلوق من الملائكة السبعة هو عزرائيل ويسمونه بطاووس الملك، وأنهم يؤمنون ببعض آيات القرآن الكريم. ولهم كتابان مقدّسان الأول (الجلوة) ويُنسب إلى الشيخ عدي بن مسافر الأموي والثاني (مصحف رش) أي المصحف الأسود ويؤمنون بظهور نبي من العجم. وموطن سكناهم في العراق بمدينة موصل ويكثرون في مناطق سنجار وشيخان.

 

3ـ مذهب الجبرية:

ظهر في عهد التابعين، هم أصحاب جهم بن صفوان، واعتقادهم أن العبد ليس له قدرة ولا إرادة، أي أنه مجبور على أفعاله، وذلك على الرغم من أن النصوص تُصرح بأن للعبد قدرة وإرادة. فأفعال الناس في نظرهم كلها لله ولا دخل للإنسان فيها، فهي كلها أفعال اضطرارية لا إرادة للإنسان في أي منها، واعتقد أتباع يونس بن عوف وأتباع غسان الحرمي من المرجئة أن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان. ونحن نقول هذا مخالف لنصوص القرآن.

 

4ـ مذهب الباطنية. 5ـ مذهب البهائية. 6ـ مذهب القاديانية. 7ـ مذهب الجهمية 8ـ النُّصيريّة.

ومذاهب كثيرة لا يحتاج إلى ذكرها لأنها معروفة عند الناس ومليئة في كتب الكلام والعقائد.

 

كتب ومصادر علم الكلام

1ـ الإبانة ـ لأبي الحسن الأشعري.  2ـ إلجام العوام عن علم الكلام ـ للإمام الغزالي.  3ـ أقسام اللّذات ـ للفخر الرازي.  4ـ فصوص الحكم ـ لابن العربي.  5ـ تأويل مختلف الحديث ـ لابن قتيبة.  6ـ ذمّ الكلام ـ للهروي.  7ـ التبيان ـ لابن عساكر. 8ـ جامع بيان العلم ـ لابن عبد البر.

 

الفصل الرّابع

 

المختصر في علم التوحيد

 

تعريف علم التّوحيد:

يبحث عن إثبات الألوهيّة للهِ في السّماء والأرض، أي إثبات العقائد الدّينيّة، وذلك بأن يتّجه العبد إلى الله بالعبوديّة والطّاعة، (وإلهكم إلهٌ واحد لا إلهَ إلاّ هو الرّحمن الرّحيم)[22]، وعن إثبات الربوبية لله في الأرض بأن يكون ربّهم غيره وحاكمهم الذي لا سلطان لأحد (ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون)[23] لا إله إلاّ الله عنوان التوحيد: التوحيد هو المهمة الأولى للرسل.

وتتمثل علم التوحيد فب أمرين:

1ـ الدعوى إلى عبادة الله وحده. 2ـ الدعوة إلى اجتناب الطاغوت، آيات كثيرة على ذلك. والتوحيد شعار الإسلام من شهد بها دخل الجنة، وكذلك شعيرة يومية يكررها الفرد في صلواته الخمس (9) مرات في التشهد و(5) مرات في الإقامة و(5) مرات في الأذان. وسنّ الإسلام على الأب المسلم أن يستقبل مولوده بالأذان في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى، وإذا حضره الوفاة يلقّنوه أفاربه كلمة التوحيد أيضًا[24]. قال (ص) (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلاّ الله) صحيح.

 

التّوحيد حقُّ الله على العِباد:

روى الشيخان البخاري والمسلم عن معاذ بن جبل (رض) (قال: كنت رديف النبي (ص) على حمار فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم: قال (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله، ألاّ يعذب من لا يشرك به شيئًا)، قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتّكلوا).

 

معنى العِبادة وأنواعها:

وهي الخضوع الكامل الممتزج بالحب الكامل لله تعالى، ثم الإلتزام بأوامره، ولننظر كيف يصور لنا هذا الموضوع الصحابي الجليل سلمان الفارسي ويقول: عجبت لثلاثة وبكيت لثلاثة: عجبت لغافل وليس بمغفول عنه، وعجبت لمؤمن في الدنيا والموت يطلبه، وعجبت لضاحك ملىء فيه لا يدري: آلله راض عنه أم سحط عليه. وبكيت لفراق الأحبة: محمد وحزبه، وبكيت لهول المطلع عند سكرات الموت، وبكيت للوقوف بين يدي الله لا أدري: آ ينطلق بي إلى الجنة أم إلى النار.

أنواع العبادة ليست مقصورة على صورة واحدة (أداء الفرائض) كما يخيل لكثير من الناس، وإنما لها أنواع كثيرة منها:

1ـ الدّعاء : ويكون في كل مكان وزمان.

2ـ إقامة الشعائر الدينية، لله وحده. مثل الصلاة والصوم والحج والزكاة والصدقة والوحدة والصدق والإخلاص والأمانة والنذر والذبح والحجاب واطلاق اللّحى والأذان ونحو ذلك.

3ـ الانقياد والإذعان الديني. لما شرع الله من أحكام، أحل بها الحرام وحرم بها الحرام، وحدّ الحدود ونظم شؤون الحياة. فلا يجوز الأخذ من البشر النظم والأحكام والقيم والقوانين إلاّمن الله وحده يخضع لها ويحكمها في حياته بغير سلطان من الله[25]. ومن العبادة أيضًا النهي عن الشرك الأكبر والأصغر، ومن الشرك الأصغر الرياء وعمل التولة والتمائم والرقي وتعظيم القبور وعمل السحر والإيمان به ونحوه. قال (ص) (إنّ الرقي والتمائم والتولة شرك). وقال أيضًا (آلا إن من كان قبلكمم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتحذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم.

 

آيات قُرآنيّة على علم التّوحيد:

(قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد)[26]. (لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد). (لا إله إلاّ هو الحيّ القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلاّ بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولايؤده حفظهما وهو العلي العظيم)[27].

 

مَن هم الّذين يدخلون الجنّة؟

اختلفت آراء الفقهاء على ذلك، فمنهم من يقول الذي الذي يؤمن بالله فقط وإن لم يعمل بشريعته، أو يشرك به ولا يفكر به يدخل الجنة بدليل قول النبي (ص) (من قال لا إله إلاّ الله من قبله دخل الجنة) رواه البزاز والطبراني وأبو نعيم. أو كما قال (ص) (من قال لا إله إلاّ الله محمد رسول الله دخل الجنة). وهناك رأي أحر يقول: وهم أهل السنة والجماعة أن للدخول إلى الجنة على المسلم أن يؤمن بدعاء الإيمان الستة المشهورة وهي آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الأخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى...) وأن يعمل لأن الرسول (ص) يقول (ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل). نحن فقط نضع القواعد ولكن الله تعالى يعلم نوايا القلوب ورياء الأعمال وهو فقط يعلم من يدخل الجنة. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قد غفر لرجل؛ لأنه سقى كلبًا كاد يموت من العطش. بينما دخلت امرأة النار؛ لأنها حبست قطة، فلم تطعمها ولم تَسْقِهَا حتى ماتت.

 

قصة من يدخل الجنّة؟

لمّا التقت ثلاثة من كبار علماء الدين بدعوة من قبل الخديوي (حاكم مصر السابق موالي للاستعمار الإنكليزي). وهم حاخام اليهودي، وبطريق أو بطرياق النصارى، وإمام المسلمين في زمنه كان الإمام محمد عبدة، لمّا التقت الثلاثة عند الخديوي في قصر العابدين، وقال لهم الخديوي: إنّ كل واحد منكم يُمثل دينه، وعليه أ يثبت أن دينه الحق والذي يوصله إلى الجنة.  وقال الحاخام ليتكلم البطريارق أولاً، وقال البطريارق ليتكلم الإمام أولاً: وقال الإمام بلا عقل والمنطق: يا أيها الخديوي إن كانت اليهود يدخلون الجنة فإننا داخلوها لأننا آمنا بموسى، وإن كانت النصارى يدخلون الجن فإننا داخلوها لإننا أمنا بعيسى، وإذا كنّا داخليها، داخليها إن شاء الله ولكن لن يدخله لا اليهود ولا النصارى لأنهم لم يؤمنوا بمحمد (ص).

 

كتب علم التّوحيد:

1ـ كتاب التوحيد ـ لمحمد عبدة. 2ـ حقيقة التوحيد ـ للدكتور يوسف القرضاوي. 3ـ إحياء علوم الدين ـ للغزالي. 4ـ كتاب التوحيد ـ لحسن والي.  5ـ كتاب التوحيد ـ لأبو منصور محمد بن محمد الماتريدي.

 

الفصل الخامس

 

بعض المسائل المهمة في علمي العقائد والكلام

 

1ـ موضوع الأرزاق:

قال أهل السنة: ما يأكله الإنسان فهو رزقه، حلالاً أو حرامًا.

وقالت المعتزلة: الحرام ليس برزق، وهذا الاختلاف بناءً على أن اسم الرزق عندنا ينطلق على ما يتغذى به الحيّ ولما. وعندهم على المُلك خاصة. وهو فاسد. لأنه يؤدي إلى الخُلف في وعد الله تعالى في إيفاء الرزق. بقوله تعالى (وما من دابة في الأرض إلاّ على الله رزقها) هود، 6.. والدواب لا يتصور لها المُلك. وربما يأكل الإنسان في عمره الحرام وليس يصحّ أن يقال: أنه لم يأكل رزق الله تعالى.

فإن قيل: إذا كان الحرام رزق الله تعالى فلمَ يعاقب على أكله؟

قلنا: بناءً على مباشرة سببه وقصده واختياره ذلك. فإن الله تعالى وعد الرزق مطلقًا وأمر العبد/ بطلبه عن وجه حلهِ بقوله تعالى: (كلوا مما في الأرض حلالاً طيًا) البقرة 168. فإذا طلبه بحرصه وهواه من غير حِلّهِ يواصله الله إليه من ذلك الوجه، ولكن يعاقبه على سوء اختياره ومخالفة أمره، كما قلنا في المتولدات: إنّ الموت في المقتول بخلق الله تعالى، ولكن يعاقب القاتل على مباشرة سببه وقصده ذلك.[28]

 

2ـ موضوع الآجال:

قال أهل السنة: المقتول ميت بأجله، لا أجل له سوى ذلك. والقتل فعل القاتل قائم به، والموت قائم بالميت بخلق الله تعالى فيه عقيب فعل القاتل، أي إذا انتهى رزقه جاء أجله.

وقالت المعتزلة: المقتول مقطوع عليه أجله، لولا القتل لعاش إلى أجله. وقال الكعبي: له أجلان: القتل أو الموت، وعنده المقتول ليس بميت[29].

وعلماء الطبّ يفكرون مثل المعتزلة ويقولون أن عمر الإنسان العادي هو 103 سنة تقريبًا، ويدّعون أنه لولا سلبيات الحياة من كسل وقلقل وحزن وعدم الاهتمام بوجبات ونوعية الطعام والإرهاق الجسمي وشرب المسكرات والسيجائر وزيادة تلوث الماء والهواء وعدم ممارسة الألعاب الرّياضيّة وعدم أخذ الأدويّة عند المرض ونحو ذلك، ممّا يؤدّي إلى النّقص في الأعمار ويؤدّي إلى الوفاة المبكر. وحتى في تقاريرهم الطبية يثبتون أن للمناخ دور فعال في إطالة العمر ففي البلدان الحارة تكثر الميكروبات فيقل العمر أما في الدول الباردة فعكس ذلك. وهناك تقارير أيضًا يقال أن عمر الفرد في الدولة الأوروبية قد وصلت إلى مابين 90 و 100 سنة بعد أن كانت ما بين 70 و80 سنة، بسبب زيادة نسبة الرفاه والوعي الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والصحي والاجتماعي ونحو ذلك.

ونحن نجد في نصوص الأحاديث أنّ وسط أعمار المسلمين ما بين السّتين والسّبعين فقال الرسول (ص) (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وأقلهم من يجوز ذلك.) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.  ومعنى الحديث أن أغلب أعمار هذه الأمة تتراوح بين ستين سنة إلى سبعين، ومنهم من يزيد على ذلك وهو قليل. وقيل: إن العمر المحمود الوسط المعتدل هو ما بين الستين والسبعين، وهو حال أعمار أصفياء هذه الأمة؛ منهم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وراجع شرح المباركفوري لسنن الترمذي، وشرح المناوي للجامع الصغير. وأما الواقعة التي ذكر فيها فلم نر من ذكرها. وراجع الفتوى رقم  (46037).

ونجد أيضًا في الأحاديث عن زيادة أعمار الإنسان بالدّعاء والبرّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يزِيد فِي العُمر إِلاّ البِرُّ ولا يرُدُّ القدَرَ إِلاّ الدُّعاءُ وَإِنَّ الرجُل ليحرمُ الرِّزق بِخَطيئَةٍ يعمَلها) رواه ابن ماجة. وعند صلة الرّحم وزيارة الأقارب. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ). روى البخاري (2067) ومسلم (2557).

ومعنى (زيادة العمر بالبر والدّعاء) و(يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ): قيل: المعنى: حُصُولُ الْقُوَّةِ فِي الْجَسَدِ. وقيل: بِالْبَرَكَةِ فِي عُمْره، وقيل بزيادة العمر. الله أعلم الرأي الأول والثّاني هما الأصح وهو يؤيد قول الله تعالى (وما يُعمّر ولا يُنقصُ من عُمره إلاّ في كتابٍ)[30].

 

3ـ موضوع الهُدى والإضلال:

أهل السنة: يقول أن الهدى من الله تعالى خلق الاهتداء في العبد، والإضلال خلق الضلالة فيه.

وقال أهل المعتزلة: الهدى من الله تعالى بيان طريق الصواب، والإضلال تسمية العبد ضالاً، أو حكمه بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه. هنا الصحيح قول أهل السنة، لقوله تعالى (أنك لا تهدي من أحببت) القصص،56  ولو كان الهدى بيان طريق الحق لمّا صحّ النفي عن النبي عليه السلام، لأنه بيّن الهدى لمن أحب وأبغض. وكذا قوله تعالى: (يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء) فاطر 8،  ولو كان الهدى بيان طريق الصواب لم تتحقق القسمة، لأن بيانه عام في حق الكل. وكذا الإضلال لو كان تسمية العبد ضالاً لتقيّد ذلك بمشيئة العبد، لا بمشيئة الله تعالى، لأن ذلك يبتني على قصد العبد واختياره ذلك. إلاّ أنّ الهداية تُضاف إلى النبي عليه السلام بطريق التنسيب ودعوته، كما قال جلّ جلاله: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)  الشورى 53،،  ويكون المراد هو البيان والدّعوة. ويضاف إلى القرآن أيضًا. كما قال تعالى (إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) الإسراء 9، لكونه سببًا للاهتداء، وكذا الإضلال كما أضيف إلى الله تعالى من حيث خلق الضّلالة في العبد عند اختياره ذلك، أضيف إلى الشيطان أيضًا بطريق التسبيب والدعوة، كما قال الله تعالى (ولأُضلينهم ولأُمينهم) النساء 119، وكذا أضيف إلى الأصنام لكونها سببًا للضلالة، كما قال الله سبحانه وتعالى خبرًا عن الخليل عليه السلام: (ربّ إنهنّ أضللن كثيرًا من الناس) إبراهيم 36، والفعل الواحد لا يضاف إلى الله تعالى وإلى غيره بجهة واحدةٍ.[31]

 

4ـ موضوع الشّفاعة والدّعاء:

عند أهل السنة ثابتة. خلافًا للمعتزلة. وذلك لما جوزنا عفو الله تعالى من غير واسطة فأولى أن يجوز بشفاعة النبيين عليهم السلام والأخيار. وعندهم لما إمتنع العفو لا فائدة في الشفاعة. لقوله تعالى (فأعف عنهم واستغفر لهم) آل عمران، 159. وكذا قوله تعالى: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) محمد 19، وهذا أم الشفاعة. وكذا قوله: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) المدثر 48، فلو لم تنفع للمؤمنين أيضًا لم يكن لتخصيص الكافرين معنى. وكذا الحديث المشهور. وهو قوله عليه السلام: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) سنن أبي داود والترمذي وغيرهم، والأحاديث في باب الشفاعة قريب من التواتر. فلا أقلّ من الشهرة. وانكار الخبر المشهور بدعة.[32] وللدعاء أو التوسل في الإسلام مقالات كثيرة يمكن الرّجوع إليها.

 

5ـ موضوع القضاء والقدر:

قال أهل السنة: أفعال الخلق وأحوالهم وأقوالهم كلها بقضاء وقدر.

وقالت المعتزلة: المعاصي ليست بقضائه وقدره. كما قالوا في الإرادة، وهي مبنية على مسألة خلق الأفعال.

فنقول كل ما كان الله تعالى وإرادته فهو بقضائه وقدره أي أنه أحاط كلّ شيئ علمًا، وما يحدث يحدث وفق علمه وإرادته، فإنّ الأخذ بالأسباب لا ينافي في القدر، بل هو في القدر أيضًا. والقضاء في اللغة: عبارة عن الفعل مع زيادة أحكام. فالكفر مقضيّ الله لا قضاءه صفته، والكفر صفة العبد، يستحقبه عقاب الأبد، لأنه إذا كان كلّه بقضائه وقدره فلمَ يلزمه من ثواب أو عقاب؟[33].

تعريف القضاء عند عبد الكريم البغدادي: هو الفصل والحسم في الأمر. وإنّ قضاء الأمر معناه إنجازه وحسمه. والقدر: هو التقدير ووضع الشيء في موضعه المناسب له، فالقضاء أخصّ من القدر، بمعنى أنّ دائرة القدر أشمل وأعم، فالقدر تدبير (أي تدبير الأوليات والأسباب)، والقدر تصميم، والقضاء حُكم، والقضاء تنفيذ. قال (ص) (لا يرد القضاء إلاّ الدّعاء، وإنّ الدّعاء ليلقي القضاء (البلاء) فيعتلجان إلى يوم القيامة) أي أنه يوقف التنفيذ ولم يبطل الحكم التي في اللّوح المحفوظ. وفي قوله (ص) (إنّ أحدكم يُجمع خلقُه في بطن أمه أربعين يومًا نُطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثمّ يكون مضغة مثل ذلك، ثم يُرسل إليه المَلك فيُنفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. فو الله الذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلاّذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) رواه البخاري ومسلم. في هذا الحديث لا يوجد جبر لأنه هنا معنى (فيسبق عليه الكتاب) أي كتابه الذي كتبه المللك في اللّوح المحفوظ، وأيضًا أنّ لله تعالى العلم المطلق قبل وقوع الحادث وبعده وما يحدث يحدث بإرادته وعلمه، لأنه هو الذي وضع القوانين لكلّ شيء وعلينا عمله وإن لم نعمله فيكون نتيجته كما بينه الله في دستوره وقانونه القرآن الكريم، فالله تعالى لا يتدخل في إرادة الإنسان الجزئية التي وهبه الله تعالى له، كما نرى في قصة خضر وموسى (ع). وكما نرى في إسلام عمر (رض) والصحابة والوحشي وهند والمسلمون بعد وفاة الرسول (ص) ونحوه، وخواتم الأعمال يتأثر بالعمل الصالح ويكون بالسعي إليه والدّعاء للوصل إليه. ويمكن القول أنّ الإنسان خلق جهولاً ظلومًا وصاحب نفس وشهوة فهو سيظلم نفسه إن لم يتبع أوامر الله، كما فعل آدم (ع)، تاب وعمل صالحًا فأنقذه عمله بإذن الله. وهناك قصة لعمر (رض) حول القدر عندما أراد الدّخول إلى الشام للتجارة، فسمع في الحدود عن انتشار مرض الطّاعون فقال لأبي عبيدة لنُقيم هنا إلى أن ينتهي الطاعون، فقال الصحابة: أفرارًا من قدر الله؟ فأجاب عمر (رض) (فرارًا من قضاء الله إلى قدر الله). وقال (ص) (من لم يرضَ بقضائي وقدري ولم يصبر على بلائي ولم يشكر لنعمائي فليطلب ربًّا سوائي) حديث قدسي رواه الطبراني وعلي القاري.

 

6ـ موضوع مدارك العُلوم: أنواع العلم: نوعان هما

1ـ العلم القديم: وهو القائم بذات الله تعالى. ولا يشبه علم الحادث.

2ـ علم الحادث: وينقسم إلى قسمين:

أـ الضّروري: ما يحدثه الله تعالى في العالم من غير كسبه واختياره. كالعلم بوجود نفسه وتغير أحواله، من الجوع والعطش واللّذة والألم. بحيث لا يتشكك فيه. ويشترك في هذا النوع من العلم جميع الحيوانات.

ب الاكتسابي: ما يحدثه الله في العبد بواسطة كسبه واختياره، بمباشرة أسبابه، وأسبابه ثلاثة: الحواس السّليمة، والخبر الصادق. ونظر العقل[34]. (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور) فاطر 19. أم الحواس فهي خمس: السّمع، والبصر، والشّم، والذوق، واللّمس. ويُعلم بكل حاسّة ما يختص بها، إذا استعملت فيه على الوجه المخصوص. أمّا الخبر الصادق فنوعان: أحدهما الخبر المتواتر. وهو ما يُسمع من أشخاص مختلفة في أحوال مختلفة. بحيث لا يُتوهم أنهم توافقوا على الكذب، وهو سبب للعلم الضّروري، كالعلم بالملوك الماضية والبلدان النائية. والثاني الخبر المؤيد بالمُعجزة من الأنبياء عليهم السلام، وهو سبب للعلم القعي، لكن بواسطة الاستدلال.

وأما نظر العقل فهو سبب للعلم أيضًا. والعلم الحاصل منه نوعان: ضروري ويسمى بديهيًّا، وهو ما يحصل بأول النظر من غير تفكر، كالعلم بأن كلّ شيء أعظم من جزئه. واستدلالي، وهو ما يحتاج فيه إلى نوع تفكّر، العلم بوجود النار عند رؤية الدخان. وحصول العلم بهذه الأسباب أمر مشاهد لمن أنصف ولم يُعاند[35].

 

7ـ موضوع خلق أفعال العِباد:

قال أهل السنة: أفعال العباد وجميع الحيوانات مخلوقة لله تعالى. لا موجد لها إلاّ الله تعالى، سواء كان الموجد عينًا أو عرضًا. وعلى هذا كانت الصحابة والتابعون (رض) إلى أن حدثت القدرية فأحدثت القول بأن الأفعال الاختيارية من جميع الحيوانات بخلقها إيّاها لا تعلّق لها بخلق الله تعالى وقُدرته. (والله حلقكم وما تعملون)[36]. وقال (ص) (إن الله خلقك كل صانع وصنعته) رواه البخاري في خلق العباد. وأما المعقول وهو أن فعل العبد محدث وهو جائز الوجود والعدم، فيستوي فيه إمكان الوجود والعدم، فلا يترجح الوجود إلاّ بتخصيص مخصّص هو واجب الوجود، وهو ايجاد الله تعالى. وبهذا الزمنا الدّهرية في انكارهم نسبة وجود الأعيان إلى الله تعالى، فنُلزم المعتزلة أيضًا في انكارهم نسبة وجود الأفعال إلى الله تعالى، إذ هما في الوجود سواء. ولأن العبد متى كان قادرًا على إيجاد الحركة في نفسه فنقول: هل يقدر الله تعالى على إيجاد السكون في نفسه في تلك الحالة أم لا؟ إن قلتم: يقدر، لزم إجتماع الضّدين، وإن قلتم: لا يقدر لزم تعجيز الله تعالى، وكلاهما محال. ولأن شرط قدرة التخليق علم الخالق بكيفية المخلوق قبل وجوده، لقوله تعالى (آلا يعلم من خلق وهو اللّطيف الخبير)[37]. إذ من لا علم له يفعل أصلاً لا يقدر عليه. ولا علم للعبد بكيفية فعله غائبًا من الحُسن والقبح والإضرار والانتفاع. كما لا علم للكافر ومبتدع بقبح أفعالهما. فلا يتصور أن يكون خالقًا. فالحاصل أن فعل العبد يسمى كسبًا، هذا عندنا. وعند الأشعرية: الفعل عبارة عن الإيجاد حقيقة، إلاّ أن الكسب يسمى فعلاً مجازًا. والصحيح ما ذهبنا إليه. لأن الاستعمال المطلق يدل على الحقيقة. إلى محل المجاز لإفادة ذلك المعنى، ولا مشابهة بين كسب العبد وإيجاد الله تعالى بوجه من الوجوه[38].

 

8ـ موضوع الإيمان والكُفر:

اتّفق أهل القبلة، على أن الإيمان بالله فرض، والكفر به حرام. لكنهم اختلفوا أن وجوبه بالعقل أم بالسمع؟ فمن لم تبلغه الدعوة لو مات على الكفر هل يعاقب أم لا؟ ذكر الحاكم الشهيد في (المنقى) عن أبي حنيفة (رض) قال لا عذر لأحد في الجهل بخالقه، لو لم يبعث الله رسولاً لوجب على الخلق معرفته بقولهم، وقالت الأشعرية لا يجب بالعقل شيء، ولكن يعرف به حسن بعض الأشياء وقبحه، ويعرف أيضًا حدث العالم وقدم الصانع[39].

 

9ـ  موضوع الإرادة:

1ـ ذهب أهل الحق إلى أن الله تعالى مُريد بإرادة قديمة قائمة بذاته، وهي صفة تقتضي تخصيص المفعولات بوجهٍ دون وجهٍ، ووقتٍ دون وقتٍ. خلافًا للفلاسفة والباطنية. وزعمت النّجارية أنه مريد بذاته. وزعمت المعتزلة أنه مُريد بإرادة حادثة لا في ملّ. وحجّتنا في ذلك قوله تعالى (الله يفعل ما يشاء)، (إن الله يحكم ما يُريد)، (إنْ أرادني برحمة هل هنّ ممسكاتُ رحمته).

2ـ وكلاهما واحد عند أهل السنة والجماعة إلاّ الكرّامية، فإنهم زعموا أن المشيئة أزلية، والإرادة حادثة. وهو قول باطل، لِما أنه خلاف أقاويل السّلف، والخروج عن الإجماع. والمريد من قامت به الإرادة، فلزم القول بقيام الإرادة القديمة القائمة بذات الله تعالى، لئلا يصير محلاً الحوادث.

3ـ وأما المعقول وهو أنّ ما وجد من المحادثات بمقدارها لا يستحيل من العقل أن يقع على خلاف ذلك القدر، وأن يتقدم أو يتأخر عن ذلك الوقت بالنسبة إلى قدرة الله تعالى وخلفه. فلولا وجود الإرادة التي تجب تخصيصها بذلك القدر والوقت لَما وجدت كذلك. ولأن الإرادة لو انتفت عن ذات الله تعالى لكان مجبورًا في إيجاد العالم، إذ لا واسطة بين الجبر والإرادة وبين الاضطراب والاختيار، والمجبور عاجز.

4ـ وقول المعتزلة إنه مريد بإرادة حادثة لا محلّ، قولٌ باطلٌ. فإن تلك الإرادة لا تخلو إما أن حدثت بإحداث الله أو بذاتها. إن قال: فهو تعطيل الصّانع. وإن قال: بإحداث الله تعالى إيّاها فتقول: أحدثها بإرادةٍ أم بغير إرادة؟ إن قال: بغير إرادة، يكون مجبورًا في إحداثها، وإن قال: بإرادة، نقول: تلك الإرادة قديمة أم حادثة؟ إن قال: قديمة، فهي التي نثبتها، وإن قال: حادثة، يعود السؤال إلى التسلسل. والله الهادي[40]. والإرادة قسمان الأولى إرادة كلية خاصة لله تعالى، وإرادة جزئية خاص بالعباد. ونبين الآن بعض المواقف التي ليس للإنسان فيها إرادته: أي مخصوصٌ لله تعالى: " اختيار الأم والأب، واختيار الجنسية، ومتى وكيف ولمن الامتحان والابتلاء، وفي موضوع الخير والشر، وفي الثواب والعقابن وموضوع الرزق والأجل وموضوع القضاء والقدر وموضوع الشقي والسعيد وموضوع الخَلق والجنة والجهنم ونحو ذلك". وهناك مواقف أو معجزات إلهية الاختيار يكون لله تعالى: مثل أن يكون للنبي زكريا العجوز ابنًا واسمه يحيى، وموضوع قصة أصحاب الكهف يهربون من ظلم الملك الطاغي وينامون 309 سنة، ومريم عليها السلام تلد عيسى (ع) بدون زواج. ثم يحيي عيسى (ع) الموتى ويشفي الأكمَهَ والأبرص، وموضوع نجاة النبي يوسف ويونس وموسى ومحمد وغيرهم من الموت أو القتل.

وسنوضح بعض المواضيع التي للإنسان إرادة جزئية: منها

"موضوع الصحة والمرض، والجهل والعلم والهداية والضلالة والتمتع بالحلال والحرام والطاعة والمعصية واللّهو واللعب والعبادة والكفر والقتل والإصلاح والظلم والعدل والإتحاد والتفرقة وحتى موضوع ولادته واختيار والديه وتسمية الاسم وكيفية معيشته مع النّاس والأسرة والوالدين ونحو ذلك كلها من مواضيع الإرادة الجزئية "

 

10ـ موضوع الأخذ بالأسباب:

من ضمن التوكل الحقيقي، وهو تفويض مالا طاقة للعبد فيه، قال (ص) (العبد يدبر والله يقدر). وعن أنس بم مالك (رض)، قال: جاء رجل إلى النبي (ص)، وترك ناقته بباب المسجد فسأله رسول الله (ص) عنها فقال: أطلقتها وتوكلت على الله؟ قال: إعقلها وتوكل)، وآيات كثيرة على لك منها (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) النساء 102. (فليرتقوا في الأسباب) ص 10[41].

 

11ـ موضوع تحضير الأرواح والسّحر:

لقد شرحنا موضوع الروح في الإسلام في مواضيع أخرى[42]، ونبين أن الروح أية من آيات الله تعالى، وبعد الموت لا سلطان لأحد عليه ولا التأثير به في تسخيره أو تحضره والاستهزاء به كيفما يشاء، فهو إما أن يفتح له روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار وفي عالم برزخية غيبية لا يعلمها إلاّ الله تعالى. فالأرواح لا يموتون ولا ينامون ولا يتعبون ولا يتمرضون ولا يتولدون، ولكنهم يُرزقون ويتزاوجون ويفرحون ويتمتعون بنعم الجنة للصالحين منهم وعكسها للفاسقين منهم وهذا بعد يوم القيامة، باسثناء الشهداء (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون)[43]. لقد طرد الله الجن من تحت رحمته، وعلوم وأعمال الجن محدودة ليس لهم إرادة فوق إرادة الله تعالى وليس لهم تأثير كبير على مصير الإنسان لكي يبقى آثار دائمية عليهم، قد يكون تأثيره النفسي على الإنسان وبزوال التأثير النفسي يزول كل شيئ، ويكون الزوال بالإبتعاد عنهم وبقراءة الأيات القرآنية من المعوذتين وأية الكرسي والفاتحة ونحوه والذكر لأسماء الله تعالى. وبعد هذا يمكن أن نوضح تحضير الأرواح:

"1ـ الجن: ثبت وجودهم في القرآن الكريم. وأنهم خلقوا من مارج من نار، وعقولهم وخَلقهم وخُلقهم أدنى من الإنسان حيث قال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) الذاريات 56. إلاّ أن المؤمنين منهم يأكلون شعاع طعام الإنسان، وأما الفساق منهم يأكلون شعاع فضلات الإنسان والحيوان وموجودين في كل بقاع الأرض، ويمكن حجز أو منع الأشرار منهم بذكر اسم الله تعالى، ويمكنه أن يتشبه بالرياح وبالأنوار المختلفة ألوانها وبالسحاب والدخان والحيوانات كالقطط والكلاب السود وحتى يمكن ان يظهروا أنفسهم بالشخصيات الإسلامية وأن يقلد شخصية ميتة أو حية، لأن أعمارهم تصل أحيانًا إلى مئات السنين. وحتى أن تكليم الجني للإنسان يمكن ذلك، وحتى تحريك لقلم يكتب أو لسلة ترسم بواسطة قلم، أو تكسر وتغير أو تسرق أشياء وأثاث البيت وكذلك يمكن إطفاء الضوء. ويمكن أن نقول أيضًا قد يصاب الإنسان عن طريقهم ببعض الأمراض كالصرع والجنون والتشنج ونحو ذلك، وكل ذلك بقدر الله.

2ـ لم يثبت أنّ نبيًا مرسلاً أو صحابيًّا أو تابعيًّا أحضر روح ميت ليسأله عن أمر من الأمور. وكثيرًا ما تأزمت أمور وتعقدت مسائل ووجدت قضايا لو قال الميت كلمة واحدة لانتهى الأمر المعضل وكان ذلك يحدث في حياة المرسلين الذين جاؤا بالمعجزات الباهرة. ومع ذلك لم يحدث مرة واحد في عصرهم أن أحضرت روح لنقول الكلمة المطلوبة فتفك الأزمة القادمة. وكل ما سمعناه عن الاتصال بأرواح الموتى إنما هو ما يحدث في المنام لا في اليقظة. وهناك معجزة إلهية أجريت على يد موسى (ع) في إحياءء أموات بني إسرائيل

3ـ أرواح الموتى لو أحضرت لفاحت منها ومن أخبارها وتصرفاتها رائحة النعيم أو العذاب ولعرفنا منها أخبارًا حقيقيةً عن أهل الجنة، وأهل النار، وعن نعيم الجنة وعذاب النار. وأخبار القبور والأسئلة والأجوبة بالنسبة للموتى، ولأتضح لنا كلّ ما يتصل بالعلم الأخر أو أكثره، ولأمكن نشر ذلك كلّه على الناس ودعوتهم لسماعه. وذلك ما لم يحدث بكيفية علمية مؤكدة.

4ـ لو أنك تتبعت كل ما قيل عن تحضير الأرواح لخرجت بنتيجة واحدة هي: أن كل ما قيل عن الأرواح أنها قالته أو عملته، وقيل وثبت عن الجن أنها قالت مثله. فتحضير الجن كتحضير الأرواح، غير أن ما سمي تحضير الرواح أليس ثوبًا علميًّا كاذبًا ووشاحًا يتفق مع عصر الصواريخ والقنبلة الذرية.

5ـ الأرواح التي تُستحضر كما يدذعون تراوغ وتخلف الوعد وترضى بالمنكر في مجالسها كأن ترضى بجلوس من يلبس الذهب والحرير من الرّجال وترضى بجلوس من يلبس الذهب والحرير من الرجال وترضى قومًا نساؤهم وبناتهم سافرات عاريات وقد يكون غير مصليّات كما أن الأرواح المستحضرة تكسر الأشياء احيانًا وتؤذي بعض الناس وقد تقوم بأعمال بهلوانية كالرقص والتلون بألوان مختلفة وإضاءة الحجرة والأخبار ببعض ما يحدث بين الناس وفي العالم مما لا يراه ولا يعلمه المحضرون ولكن تعلمه الجن لسعة كشفها وسرعة تنقلها بدرجة تفوق سرعة أسرع صاروخ اكتشفه العلم وكل هذه الأمور فعلتها الجن وفعلت أكثر منها. وتجد لها أمثلة في القرى والمدن عند المتخصصين في أمور الجن. ولكنهم لم يستطيعوا أن يقيموا حولهم هالة من الدعاية ونفخ الأبواق ليلبسوا أمورهم لباسًا علميًّا مزيفًا. ويقولوا للناس إفتراء، أننا نستحضر الأرواح. إنما يقولون صادقين. إننا نستحضر الجن او هم يحضرون معنا. وكثيرًا ما رأيت أناسًا مضللين بادعائهم تحضير الأرواح أو حضور جلساتها وأن هذه الأرواح زينت لهم فعل منكر أو أباحت لهم ترك فريضة أو أذنت لهم فعل الجرائم، بحجة أنها أرواح من عند الله وأنها تعلم الحقائق عاربة مكشوفة لا لبس فيها ولا خفاء. ولم يدر المسكين أنه واقع في شباك جني كذاب مضلل.

6ـ أن الأرواح بعد فراق الأجساد محكومة بناموس إلهي فلا يمكن لأحد أن يتسرب إليها ولا أن يسخرها هذا التسخير المزري ولا يمكن لها الإذن أن تكون صورة صادقة للعالم الأخر وذلك ما لم يحدث أبدًا في عالم ما يسمونه تحضير الأرواح[44].

 

ملاحظة مهمّة: ليس للجن سُلطانٌ على العباد الطّيبين بدليل قولهِ تعالى (قال ربّ بما أغويتني لأزيننّ لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلاّ عبادكَ المُخلصين، قال هذا صراطٌ عليّ مُستقيم، إنّ عبادي ليس لك عليهم سُلطانٌ إلاّ من إتّبعك من الغاوين)[45]. (إنّ عبادي ليس لك عليهمْ سُلطانٌ)[46]. (فإذا قرأتَ القرآن فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم، إنّهُ ليس لهُ سُلطانٌ على الذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون، وإنّما سُلطانهُ على الذين يتولّونهُ والذين هُم بهِ مُشركون)[47].

 

تعريف بعض الاصطلاحات ذات العلاقة بالموضوع:

ـ الاستدراج: التدريج في الشيء، وهو أمر خارق للعادة يظهر على يد فاسق مدّع الألوهية كما ظهر وسيظهر على يد الدجالين والمشعوذين. قال تعالى (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون)[48] ليزداد غيّه وضلاله وجهله.

ـ الكرامة: أمر خارق للعادة ظهر وسيظهر على يد الأولياء والصالحين غي مدّعين للنبوة والألوهية، وهي من الأمور الجائزة عقلاً وشرعًا.

ـ الإبليس: اسم ذات شامل مثل أدم وبشر ودابة، ويُمثل جانب الشّر لأنه لم يتب.

ـ الجن: اسم ذات أيضًا مثل الإنسان والحيوان ويمثل جانب الخير والشّّر لأن فيهم المؤمن والكافر.

ـ الشيطان: الكافر من الجن.

ـ المارد: أشدّ كفرًا من الجن.

ـ العفريت: المنافق والماكر ومن خبثاء الجن.

ـ "السّحر: وهو عبارة عن قواعد يقتدر بها على أفعال غريبة بالنظر لمن جهل قواعده أو تعاويذ شيطانية وأعمال معينة يترتب عليها خداع الأخرين حتى يتخيلوا أمورًا لها. كأن يتخيلوا العصا حية، كما في قصة موسى ولم تنقلب عصيهم وحبالهم حيّات فعلاً، واللّبن دمًا، والسحاب جيشًا. وقد إتفق العلماء على أن فعل السحرة كُفر إن فعل على الوجه المذكور من الاستعانة بالشياطين والاستهانة بالدين والقرآن وأمثالها. ويمكن اكتسابه بالتعلم. قال تعالى (وابتغوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان، ولكن الشياطين كفروا، يُعلّمون الناس السحر). قال (ص) (من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدّقه فقد كفر بما أنزل على محمد) رواه مسلم عن أبي هريرة. أمّا حديث (تعلموا السّحر ولا تعملوا به) قيل أنه حديث موضوع. لذا نرى هناك مجموعتان من رجال السحرة:

 أولهم: المشعوذين والدّجالين يعملون العاب السحرة والجن منها: طريقة المندل، والتعاويذ السحرية المبينة في القرآن والسنة، وطريقة السلة، وعلبة السيجاير، ولعبة الحروف الأبجدية والأرقام الحسابية، وطريقة القاعدة المغلقة، وطريقة الألأت المتحركة، والوسيط وغيرها، وهم غير مرتبطين بالجن وعددهم كثيرة.

وثانيهم: السحرة المرتبطين بالجن وهم القلة بالنسبة إلى المجموعة الأولى ومن شروطهم الأساسية أن يكفروا بالقرآن الكريم ويستهزؤا به بكافة الوسائل. وإن إدّعوا بالتقوى والصلاة فهم منافقون وكذابون فهم يأخذون أوامرهم من الجن لا من الله تعالى. وهؤلاء يمكن أن يعلموا بسبب طول عمرهم أو أن يأخذوا الأخبار من أقرانهم بسرعة هائلة، ويعلموا بعض الأخبار عن الأشخاص وحتى عن المسروقات، ولكنهم لم ولن يعرفوا عن المستقبل أبدًا.

 

ملاحظة مهمة: كانت الأجنة تعرف أشياءً كثيرةً قبل مجىء الرسول (ص)، وكانوا يسترقون الأخبار من السماء، وكان هاروت وماروت يعلمان الناس السحر، وبعد مجىء الرسول (ص)، أصبحت شظايا وشهاب النجوم يرميهم ولا يصلون إلى السماء"[49]. وقيل أنهم كانوا كانوا يأخذون بعض الأخبار من الملائكة ثم يضيفون إليها مئات الأكاذيب ويبلغون إلى أعوانهم. أما موضوع النبي سليمان (ع) مع الجن فهو معجزة إلهية، إنهم كانوا تحت أوامره فهو كان يأمرهم ويسخر لهم الأعمال، وليس العكس كما نرى في السحرة، فقال تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به مذن أحد إلاّ بإذن الله)[50]. (وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون)[51].

 

12ـ لا يُمكن للفرد أن يضمن لنفسهِ سعادة الدنيا والأخرة من دون أن يذوق الابتلاء:

 

سعادة الدنيا: لا يمكن لأي فرد عاقل أن يدَّعي أنه يستطيع أن يضمن سعادة حياة الدُّنيا بنفسه، وذلك بتوفير المال ومتطلبات الرفاه الاقتصادي أو بالذَّكاء والتَّرفع في المناصب أو بالأولاد وقوة الجماعة وبالسيطرة على الحكم ونحو ذلك. ومن ادّعى بذلك فقد طغى على الله وكفر بأوامره، لأنّ ديننا يحذرنا من عواقب مثل هذه الإدّعات إذ يقول الله تعالى (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلاّ أن يشاء الله)[52]. (قل أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلاّ ما شاء الله)[53]. (والله يرزق من يشاء بغير حساب)[54]. (وما من دابةٍ في الأرض إلاّ على الله رزقها)[55]. (وتذل من يشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)[56]. (وتعز من تشاء)[57]. (ويعذب من يشاء)[58]. (ويرحم من يشاء وإليه تقلبون)[59]. وآيات كثيرة، كلها تدل على أنه لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم وبيده كل شيء، وهو القادر والقوي والعظيم والرزاق والمحيي والمميت والصفات الكثيرة اللا محدودة له وكلها تحت إرادته الكلية وحده. (الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قُتلوا قُل فادرءوا عن أنفسكم الموت إنْ كنتم صادقين)[60].

والإرادة الجزئية المعطاة إلى بني الإنسان فهي محدودة، ويمكن أن نقول أن الذي لا يستطيع أن يخلص نفسه من داء الموت والشيخوخة والأمراض والفيضانات والزلازل والطوفان والتخلص من الابتلاءات الله الكثيرة من فقر وغنى وفرح وحزن وعذاب وألم وطمأنينة وجوع وظلم وأمان ونحو ذلك، فلا يمكن له أن يدّعي أنه يستطيع أن يجلب له السعادة دون ان يمسه ابتلاء، قال تعالى (ولنبلوّنكم بشئٍ من الخوف والجّوعِ ونقص من الأموال)[61] قال (ص) (حُفّتِ الجنّةِ بالمكارهِ، وحفّتِ النّارُ بالشّهوات) حُفّت: حجبت، متفق عليه. (الدّنيا دار البلاء) رواه الدّيلمي عن معاوية.

وبعد هذا كيف يمكن للإنسان أن يقول أنني استطيع أن أضمن حياتي من دون أن يمسَّه ابتلاء أو ضرر. وقد يستطيع أن يجلب بعض السَّعادة في الدُّنيا وذلك بالعبادة الكثيرة والسّعي والدُّعاء والتّوكل على الله.

لذا على كل إنسان عاقل أن يضع نصب عينه كل هذه المواقف وأن لا يتغرر ويتكبر على الناس، وأن يتهيأ لكافة المواقف الحياتية وأن يصبر على كل ما هو آتٍ من الله أو من الناس وحتى من الأقربين وأن يصبر على البلاء وأن لا يطغى على الله وأن لا يظلم الناس، (وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريرًا)[62] (ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الّذين أنعم الله عليهم)[63]. (وكنتم عن آياته تستكبرون)[64]. فطريق الحياة شاق وصعب والوصول إلى الجنة ليست بهينة.

وعند نجاحهم في إمتحانات وابتلاءات الله تعالى فسوف يبشر الله لهم بالهناء والسعادة الأبدية في الدنيا والأخرة.

سعادة الأخرة: أما سعادة الأخرة يكون كذلك بطاعة الله تعالى وبالأعمال الصالحة، (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم)[65]. (وبشّر الذين آمنوا وعملوا الصّالحات أن لهم جنات)[66].(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم)[67] (وإنّكم ستلقون ربّكم فيسألكم عن أعمالكم) رواه بخاري ومسلم. وقال (ص) (إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم) رواه مسلم وابن ماجة. وقال (ص) (أيَها النّاس، إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، وإن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإنّ المؤمن بين مخافتين: أجلٌ قد مضى لا يدري ما الله صانعٌ فيه، وأجلٍ قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليتزوّد العبد من نفسهِ لنفسه، ومن دُنياهُ لأخرته، ومن الحياة قبل الموت،  فإن الدّنيا خُلقت لكم، وأنتم خُلقتم للأخرة، فوا الّذي نفس محمّدٍ بيده، ما بعد الموت من مستعتبٍ، ولا بعد الدّنيا دارٌ، إلاّ الجنّة أو النّار) خطبة رواه جعفر بن محمد عن جابر بن عبد الله .

 

13ـ تجلّي صفات وأسماء الله تعالى على الإنسان:

هناك ثلاثة آراء حول ذلك لقد تطرقنا إليها بعض الشيء في موضوع الأفعال:

الرأي الأول: يقول تتجلى هذه الصفات والأسماء أو الأفعال يوم يُنفخ الروح من قبل الله تعالى في بدن الجنين وهو في الشهر الثالث من بطن الأم. وهذه الصفات ليست مثل صفات الله تعالى بعظمته وشكله، لأن الله يعطي جزء ما عنده إلى مخلوقه. ونجد ظهور هذه الصفات في الإنسان بعد البلوغ بشكل بارز، وتختلف في درجة ظهوره من شخص إلى شخص أخر، ومن صفة إلى صفة أخرى، فنرى في قسم من الأشخاص بعض هذه الصفات تظهر في الصفوف الأولى والباقي تكون في الصفوف التالية وحتى المخفية منها نسبيُّا، وتظهر عند اللزوم والضرورة. وعكسها تكون عند الأشخاص الأخرى. ولهذا نجد اختلاف الأمزجة بين الأشخاص. لقد صنف العلماء صفات الإنسان إلى 24 صنف، وفي هذه الصفات قد تظهر بعضها عندنا بأنها صفات سيئة شريرة ولكن تكون قد تكون فيها فائدة كثيرة في نهاية الأمور أو عند استعمالها في مكانها المناسب مثل القوة والشجاعة والتعند والحرص ونحو ذلك.

الرأي الثاني: يقول أن الإنسان يأخذ الصفات الصفات الحسنة من الله تعالى أما الصفات السيئة فيأخذها من الشيطان، فالشيطان يزين لهم الصفات السيئة كأنها حسنة وجميلة لأنهم عنصر الفتنة والابتلاء، ويدخل هنا العقل المفكر والنفس اللوامة في صرع إما أن ينتصر الأول أو الثاني، إذا انتصر الأول فيكون قد سعادة الدنيا والأخرة وإذا انتصر الثاني معناه شقاء الدنيا والأخرة. قال تعالى (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه)[68]. (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لأتبعتم الشيطان إلاّ قليلاً)[69]. (وكذلك جعلنا لكلّ نبي عدوًّا شَياطِينَ الإنسِ والجنِّ)[70].

الرأي الثالث: يقول لايمكن أن يأخذ صفات الله تعالى وحتى لا يمكن أن ينفخ من روح الله تعالى، لأننا لا نعرف هل بنفسه ينفخ وكيف ينفخ، وإذا كانت الملائكة تنفخ الروح فالقرآن لا يذكر ذلك. لذا لا يمكن أن يحمل الإنسان الصفات التي يشبه بالخالق، بل هذه الصفات تكون فطرية أزلية وبعضها مكتسبة.

 

14ـ ما الحكمة الإلهيّة في ابتلاء الأنبياء والصّالحين بالرّغم من كون العصمة لله ولرسولهِ وللأولياء الصّالحين؟

فالابتلاء يكون عمومًا لصالح النّاس وهي مكافئة وحسنة وخير لهم وسوف نذكر أدناه، فنرى مثلاً ابتلاء (آدم وحواء وشجرة الفاكهة والطّرد من الجنّة، وقتل قابيل لهابيل بسبب الزّواج من أختهما، وموت ابن وإمرأة نوح (ع) على الكُفر، وموت إمرأة لوط (ع) على الكُفر، ولقم الحوت يونس عندما غضب وترك قومهُ، وأيوب صبره على المرض الذي ألزمه الفراش ونحو ذلك.

 

فالابتلاء لايُمكن أن تكون جزاء بل يكون كما يلي:

1ـ إمّا كفّارة للذنوب: فعند ارتكاب أيّ خطأ على الإنسان عدم اليأس من الابتلاء لأنّه خيرٌ يُكفّر عنهم سيّئاتهم.

2ـ أو تعليم فهم معنى التّوكل الحقيقي على الله تعالى، وما يجب عليهم من الرّجوع إلى الأخذ بالأسباب:

3ـ أو نوع خاص من التّربية والتّعليم للأنبياء والصّالحين في علمهم المحدود وأنهم لا يعلمون الغيب أيضًا.

4ـ أو عبرة لبيان قُدرة الخالق وعظمتهِ.

5ـ أو عبرة للأنبياء والصّالحين بأنّهم أيضًا مُعرّضون إلى الفتنة والامتحان، لأنّ الله يُحبهم ويُريد لهم الخير فيها.

6ـ مادام الكمال المطلق لله إذًا فإن أيات وقصص القرآن لايمكن أن تشكل تناقضاَ.

7ـ يرشدنا الله إلى عدم اليأس من رحمة الله عند ارتكاب الأخطاء.

 

شروط الصّالحين عند الابتلاء:

1ـ عدم الخوف من الموت.  2ـ عدم الضّعف.  3ـ عدم اليأس.  4ـ عدم الذّل.  5ـ الصّبر وعدم الكُفر والعصيان. (وكأين من نبيٍّ قاتل معهُ الرّبيون كثيرٌ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضَعَفوا وما استكانوا والله يُحبّ الصّابرين) آل عمران 146.  (أشدّ النّاس بلاءً الأنبياء ثمّ الأمثل فالأمثل) رواه التّرمذي وابن ماجة وابن حيّان. (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسهِ وولدهِ ومالهِ حتى يلقي الله وما عليه خطيئة) رواه التّرمذي عن أبي هُريرة.

 

قصص القرآن الكريم لا تُشكل تناقضًا للعقل البشري السّليم:

كما نعلم أنّ القرآن منزل من عند الله تعالى ولا يمكن تشكل آياتها أو قصصها تناقضًا لعقلنا البشري وإنّما التناقض هو في درجة فهمنا للآيات أو للقصص القرأنية لأنّ درجات العقول والفهم تتخلف عند الإنسان، أو الإنسان له مآرب أُخرى لا يريد أن يفهم.

فعندما أمرنا الله تعالى بالابتلاء وأعطى لنا أمثلة عديدة من القرآن الكريم عن الأنبياء، هذا لايعني أن وقوعهُ تناقض لفلسفة عصمة الأنبياء أو عدم إبتلاءهم، فالعصمة شيء والابتلاء شيء أخر، فكلّ إنسانٍ يحمل الرّوح والنّفس لابد أن يمر بالابتلاءات هذا أمر إلهي، وإن كان نبيًا مُرسلاً أو وليًّا صالحًا وهؤلاء أكثر تعرضًا للابتلاءات كما ذكرنا أعلاه. ولو كان فيها أضدادًا أو مخالفًا لقوانين إلهية لما ذكره الله تعالى لنا وتكون حُجة على المسلمين، بل ذكره لتكون حُجةً وحكمةً وعبرًا ودروسًا على الناس كما ذكرنا. وهناك مسائل في القرآن الكريم قد تتبيّن متناقضة في أول الأمر ولكن عند استفسارنا جيّدًا من أهل الذكر والعلم سوف يظهر لنا حقائق الأمور، ومهما يكن فالإنسان قد تجهل أمورًا كثيرة وما عليه إلاّ السّمع والطّاعة لأوامره التي خلق كل شيء لأجل البشرية. فالظّن والشّك والعصيان والطغيان لا يضر الله تعالى بل يضر الإنسان نفسهً. وعلينا حُسن الظّن لآيات القرآن الكريم، فيقول المثل " لا يُسأل عن حكمتهِ وهو يَسألْ".

 

أنواع الابتلاءات للصالحين:

 

1ـ قسم من الابتلاءات تكون بزوال النّعم: وتكون عل شكلين:

أـ خاص للأفراد منها:

ـ الابتلاء بالخوف وكراهية الموت ونقصٍ في الأنفس.

ـ الابتلاء بالجوع ونقصٍ في الأموال.

ـ الابتلاء بكثرة بالآلام والأوجاع والعداوة والخُصومات.

ـ الابتلاء باليأس في تأخّر مطالبهِ ودُعائهِ.

ـ الابتلاء بالاضطراب النّفسي والرّوحي والبدني.

ـ الابتلاء بوفاة الأحبّاء والأقرباء.

ـ الابتلاء بالافتراء والظّلم.

ـ الابتلاء بالهجرة والغربة والحبس.

 

ب ـ والأخر عام المجتمعات وتكون كبيرة منها:

ـ الابتلاء بتدمير وهلاك الأقوام (بالحروب والآفات الكبيرة..).

ـ الابتلاء بنقص وقحط نعم الله (وذلك بسبب قلة المطر واستيلاء الحشرات..).

 

2 ـ القسم الأخر من الابتلاءات تكون بزيادة النّعم: [71]

مثل توفير الصحة والاطمئنان والسعادة والمقام والشهرة والعلم والذكاء والمال والملك والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والشهوات بأنواعها والأولاد والأخوة والنساء والأنصار، وأنواع أخرى كثيرة من النعم حيث قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)[72]. ولو لم نعطي حق هذه النعم سنخسرها في الدنيا والأخرة، كما خسر قارون عندما فرح بماله ونسي الله فخسف الله به الأرض وبداره. ويروى أن أحد الصحابة طلب من الرسول صلى الله عليه وآله أن يدعو له أن يكثر الله غنمه ليصبح غنيًّا، فنصحه الرسول بأن حاله هذا أفضل له من الغنى، لكن الرجل لم يقبل وأصر وألحّ على الرسول أن يدعو له بأن يكثر الله عليه نعمه ويصبح غنيًّا، استجاب له الرسول و دعا له، وكان راعيًا للغنم فكثر الله أغنامه وأصبح عنده قطيع من الغنم وكثر أمواله إلى حد الثراء. هذا الرجل كان في وقته يواظب على حضور الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله في كل يوم في جميع أوقات الصلاة، كلما ازداد الثراء تقطع عن الحضورو أصبح يحضر فريضة واحدة في اليوم ثم مرة واحدة في الأسبوع وثم مرة في الشهر وهكذا حتى انقطع بتاتًا عن الحضور في المسجد، وعندما جاء وقت الزكاة أرسل له الرسول رجلاً ليأخذ منه الزكاة فقال: قل لصاحبكم ويعني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله أنه ليس عليَّ زكاة ولن أدفع شيئًا، وهذا حال كل من يتوجه إلى المال بهذه الوجهة الخاطئة جاعلاً المال ربه الأعلى ناسيًا من الذي رزقه هذا المال وهو قادر على سلبه منه. وانتهى قصته ببلاء وذلك بفقد كافة أغنامه ولقي غضب الله في عهد الخليفة عمر (رض)، وأمثلة كثيرة في التاريخ وحتى في حياتنا اليومية. ويمكن السؤال عن كيفية التخلص من فتن النعم؟ كما نعلم يكون بطاعة أوامر الله تعالى كما جاء في القرآن والسنة النبوية، كما وضحه لنا الحديث النبوي الصحيح (تركتُ فيكم آمرين لن تضلّوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسُنة نبيّه ) أخرجه الحاكم في المستدرك.

وعليك أخي المسلم إذا أنعمك الله بنعم مثل مقام أو شهرة فاستعمله لأمور خيرة، فلا تظلم ولا تتاجر فيها وإعدل بين الإفراط والتفريط، وإعط ذي حق حقها تكن قد نجحت في الابتلاء.

 

15ـ موضوع تناسخ الأرواح:

هو مذهب لبعض الأديان، وليس من الإسلام شيء، مؤداه أن الروح بعد مفارقتها للأبدان تعود إلى أبدان أخرى حيوانية أو إنسانية لتتم تكملها وتستأهل الحياة بين الأرواح العالية في حظيرة القدس. قال العلامة ابن حزم: افترق القائلون بتناسخ الأرواح على فرقتين فذهبت الفرقة الواحدة إلى الأرواح تنتقل بعد مفارقتها الأجساد إلى أجساد أخر وإن لم تكن من نوع الأجساد التي فارقت وهذا قول أحمد بن حابط وأحمد بن نانوس تلميذه وأبي مسلم الخراساني ومحمد بن زكريا الرازي الطبيب صرّح بذلك في كتابه الموسوم بالعلم الإلهي وهو قول القرامطة. وقال الرازي في بعض كتبه لولا أنه لا سبيل إلى تخليص الأرواح عن الأجساد المتصورة بالصورة البهيمية إلى الأجساد المتصورة بصورة الإنسان إلاّ بالقتل والذبح لما جاز ذبح شيء من الحيوان البتة. قال أبو محمد رضي الله عنه: وهذه كما ترى دعاوي وخرافات بلا دليل وذهب هؤلاء إلى التناسخ إنما هو على سبيل العقاب والثواب، قالوا فالفاسق المسىء للأعمال تنتقل روحه إلى أجساد البهائم الخبيثة المرتطمة في الأقذار والمسخرة والمؤلمة الممتهنة بالذبح. وقال أحمد بن حايط: أنها تنتقل إلى جهنم فتُعذب بالنار أبد الأبد، واختلفوا في الذي كانت أفاعلية كلها خيرًا لا شرًّا فيها. فقال بعضهم أرواح هذه الطبقة هي الملائكة. وقال أنها لاشك أنها تنتقل إلى الجنة لتنعم فيها أبد الأبد وإحتجت هذه الطائفة المرتسمة بالإسلام أعني أحمد بن حايط وأحمد بن نانوس بقول الله تعالى (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسوّاك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك). (جعل لكم من أنفسكم أزواجًا ن الأنعام أزواجًا يذرؤكم فيه)، واحتج من هذه الطائفة من لا يقولون بالإسلام بأن يقولوا أنّ النفس لا تتناهي العالم لا يتناهي لأمد فالنفس منتقلة أبدًا وليس انتقالها إلى نوعها بأولى من انتقالها إلى غير نوعها. وقال أبو محمد: وذهبت الفرقة الثانية إلى أن منعت من انتقال الأرواح إلى غير أنواع أجدادها التي فارقت وليس من هذه الفرقة أحد يقول بشيء من الشرائع وهم من الدّهرية وحجتهم هي حجة الطائفة التي ذكرنا قبلها القائلة أنه لا تناهي للعالم فوجب أن تتردد النفس في الأجساد أبدًا قالوا ولا يجوز أن تنتقل إلى غير النوع الذي أوجب لها طبعًا الإشراف عليه وتعقلها به. والفرقة الثانية القائلة بالدّهر: أنه يكفي من فساد قولهم هذا أنه دعوى بلا برهان لا عقلي ولا حسي وما كان هكذا فهو باطل بيقين لا شك فيه لكننا لا نقنع بهذا بل نبين عليهم بيانًا لائحًا ضروريًا بحول الله تعالى وقوته فنقول وبالله نستعين. إن الله تعالى خلق الأنواع والأجناس ورتب الأنواع تحت الأجناس وفصّل كل نوع من النوع الأخر يفصله الخاص له لا يُشترط فيه غيره وهذه الفصول المذكورة لأنواع الحيوان إنّما هي لأنفسها التي هي أرواحها فنفس الإنسان نطفة حية ناطقة ونفس الحيوان حية غير ناطقة هذا هو طبيعة كلّ نفس وجوهرها الذي لايمكن إستحالته عنه. وأما الفرقة الثالثة: التي قالت أن الأرواح تنتقل إلى أجساد نوعها فيبطل قولهم بحول الله تعالى وقوته بطلانًا ضروريًّا بكل ما كتبناه في إثبات حدوث العالم ووجوب الابتداء له والنهاية من أوله، وبما كتبناه في إثبات النبوة وأن جميع النبوات وردت بخلاف قولهم. أما قول الإسلام وعقيدة الرجعة فهي: أن عقيدة رجعة الأرواح قديمة نشأت في الهند والصين ولا تزال موجودة لديهم وربّما كتبنا في ذلك فصلاً في الجزء القادم إن شاء الله، ولم يقل بها في الإسلام إلاّ فرقة التناسخية وهم لم يأخذوها من القرآن الكريم ولكنهم نقلوها عن الهنود مع ما نقله العرب من فلسفاتهم. أما القرآن فيشير في آيات كثيرة إلى بطلانها والأرواح يُحتفظ في البرزخ إلى يوم القيامة، وقوله تعالى (أرجِعنَا نَعْمَل صَالِحًا) قال ذلك في معرض إستحالة رجوعهم إلى الأرض بل ردّ الله بقوله (أوَلمْ نُعَمركُم مَا يَتذَكّر فِيه مَن تَذكّر وَجَاءكُم النَّذير) يقول أولم نوجدكم فيها عمرًا يكفي لأن يتذكر فيه من أراد أن يتذكر وجاءكم من الرسل من أنذركم بهذا الحال[73].

كما نعلم أن سبب اختلاف العلماء حاصل عن درجات عقول الشر وفي كيفية فهم الأيات والأحاديث، وبالأخص نرى الاختلاف في آيات علمية وغيبية وتوصيات وحكايات. ومثال على ذلك الاختلاف في آية المعراج وحديث الرسول (ص) لمعاوية بن معاوية حول إكمال إيمانه ورؤيته عذاب النار ونعيم الجنة ونحو ذلك.

 

المكافئات الدّنيويّة للذي ينجح في الابتلاءات والامتحانات من قبل الله تعالى:

1ـ اطمئنان القلب وراحة البال بسبب عدم انشغاله في أمور الدنيا المحرمة التي يؤذي نفسه والناس. لأنه يعرف أن الله تعالى يراقبه وه معه في كل مكان وأحوال.

2ـ قبول دعائه في كافة أمور الحياة، لأنه يرفع الحجاب بينه وبين الله بسبب إخلاصه له.

3ـ قبول شفاعته للأقرباء والأحباء.

4ـ رؤية آيات الله تعالى، ويشاهد ويرى بالمكاشفة الحقائق بفراسة قلبه.

5ـ يكافئه بالزوجة الصالحة وبالأولاد الصالحة.

6ـ يكافئه بالنجاح والنصر والفلاح في كل أعماله.

7ـ يكافئه بالصحة والعافية ويبعده عن الأمراض الخبيثة.

8ـ يكون غنيًا يعطيه الله المال الحلال من حيث لا يحتسب.

9ـ يكافئه بالعمل الصالح، والرزق الوافر وربح كبير في التجارة.

10ـ لا يخاف ولا يحزن لومة لائم.

11ـ بالصلاة والصوم والزكاة وبالذكر الكثير يبتعد عن كثير من الأمراض البدنية والنفسية والروجية.

12ـ يكافئة بالسعادة ويحفظه من كل سوء ومكروه.

13ـ عند الشيخوخة لا يهذي ولا يتخلل عقله.

14ـ والمجتمع يكون صاحب ثقة وصدق وآمان ووقار فيعزه ويحترمه كل الناس.

15ـ وسوف يرثون الخلافة على الأرض. أيات وأحاديث كثيرة تشير أن العلماء والأولياء الصالحون يرثون الأنبياء من بعد موتهم إلى يوم القيامة،(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون)[74].(إنما يخشى اللهَ من عبادهِ العلماء)[75].(يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)[76].(فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون)[77].(يا بت إني قد جاءني من العلم مالم يأتيك فاتبعني أهدك صراطًا سويًّا)[78].(ليتفقهوا في الدّين)[79].(شهد الله إنّه لا اله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط)[80].( لكن الرّاسخونَ في العلمِ منهم والمؤمنونَ يؤمنون بما أنزلَ إليكَ)[81].

وقال الرسول (ص) (العُلمَاءُ ورَثَةُ الأنْبِياء) رواهُ الأربعة، وقال أيضًا ( سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى الله إليّ: يامحمد إنّ أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء: بعضها أضوأ من بعض فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى) رواه سعيد بن السيب عن عمر بن الخطاب (رض). فهؤلاء العُلماء والأولياء أصبحوا بدرجة الأنبياء أي أنهم سيرثون خلافة الأرض إلى يوم القيامة، فإذا لم يبقوا أو فسدوا في الأرض فحينئذٍ ـ الله أعلم ـ تقوم الطامة الكبرى على البشر ويكون يوم القيامة قد قرب، فقال (ص) (إذا خُليت قُلبت) (اثنان إذا صلحا، صلح النّاسُ، وإذا فسدا، فسد النّاسَ: العُلماء والأمراء) رواه أبو نعيم في الحلية. (أفة الدّين ثلاثة: فقيهٌ فاجرٌ وإمامٌ جائرٌ ومجتهدٌ جاهلٌ) في الجامع الكبير رواه الدّيلمي عن ابن عبّاس. (سيكون أمراء فسقة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولستُ منه ولن يردعلى الحوض) رواه احمد والنسائي والترمذي والبزاز.

 

المكافئات الأخرويّة للذي ينجح في الابتلاءات والامتحانات من قبل الله تعالى:

1ـ كسب حب وشفاعة الله تعالى.

2ـ كسب حب وشفاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام والناس أجمعين.

3ـ رؤيته الله تعالى والنّظر إليه.

4ـ رؤيته نبينا محمد (ص).

5ـ رؤيته الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين والأولياء الصالحين.

6ـ رؤيته الأحباء والأقرباء والأصدقاء من المؤمنين.

7ـ رؤية الملائكة الكرام.

8ـ رؤيته جهنم ونارها العظيم، ورؤية وسماع عذاب الظالمين والكافرين والفاسقين والجن والشياطين عند المرور من صراط المستقيم.

9ـ عدم مسه نار جهنم ولا عذاب الأخرة.

10ـ خلوده في الجنة، والتنعم بكافة أنعم الله تعالى منها.

ـ من الأنهار الأربعة "الماء واللبن والخمر والعسل".

ـ ومن ثمار وفواكة الجنة الطيبة الكثيرة والمتنوعة، والسرور في مشاهدة البساتين والمزارع والغابات الفتانة.

ـ التنعم بمشاهدة أنواع الطيور والحيوانات الجميلة والاستفادة من لحومهما الطازجة الجميلة.

ـ التنعم بسماع تغريد البلابل وغناء حور العين وبسماع الأذان والقرآن الكريم.

ـ الزواج من حور العين.

ـ المرأة تتزوج بما تطلبها وتسعد معها، وتتكافىء أيضًا بما تطلبها من أنواع الذهب والفضة والمجوهرات الثمينة الأخرى ومن ملابس الحرير.

ـ التمتع بقصور جميلة من الذهب والفضة واللؤلؤ والمرجان وسرر من ذهب وقوارير من فضة.

ـ التنعم بولدان مخلدون، يخدمونهم في كل آن وفي كل طلباتهم.

ـ التنعم بماء نهر الكوثر، حافتاه من ذهب ومجراه الدّر والياقوت وتربته أطيب من المسك ونحوه.

ـ التنعم بحياة أبدية سعيدة، ليس فيها تعب ولا موت ولا وقذارة ولا تلوث ولا لغو ولا إنجاب ولا ظلم ولا شقاء ولا مرض ولا حزن ولا شيب ولا نوم ونحو ذلك.

ـ الحشر مع زمرة الصالحين وهي أعلى درجات التقوى والإيمان وهي مطلب الأنبياء والأولياء، عدا النبي محمد (ص) لأن له مقامًا خاصًّا وهو مايسمى بالمقام المحمود.

 

16ـ متى يوم القيامة (السّاعة)؟

لايُمكن الجواب على هذا السّؤال لأنّه من مواضيع الغيبيّات، ولكن بسبب كثرة سؤال النّاس عليه يُمكن القول بأنّ الله خلق الملائكة والجنّ ثمّ الإنس وجعل في أول الأمر الجنّ خليفة على الأرض ثمّ الإنسَ وخاصّة من الصّالحين والأنبياء والرّسل وأخر خليفة الأرض هو النّبي محمد (ص) وبهذا انتهى خلافة الصّالحون وإنّ دلّ هذا على شيء وإنما يدلّ أيضًا على أنّ يوم القيامة قد تقرب وحسب الزّمن الإلهي كما نعلم أنّ اليوم الواحد عند الله هو كألف سنة عند الإنسان. ثمّ أن الجن قبلنا عاشوا ملايين السّنين ثم غضب الله عليهم ولعنهم إلاّ المؤمنين منهم. والإنسان كذلك قد يعيش ملايين السّنين ثم يغضب الله عليهم فيبدلهم بخلق جديد كما جاء في القرآن الكريم.

والمعروف عند العلماء أنّ حياة الإنسان في الأرض يترواح ما بين عشرة آلاف إلى إثنتا عشر ألف سنة تقريبًا، وعند الله 12 يومًا ولا يعقل أن يكون القيامة بعد خلق آدم (ع) بهذه المدة القصيرة والله أعلم. ولهذا السّبب اهتم الرسول (ص) بموت الإنسان، ولم يهتم عن يوم القيامة، لأنه إذا مات الإنسان يقوم قيامتهُ الصُّغرى، وعن أنس قال قال (ص):(إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته)، كنز العمّال 15 / 548 ح 42123 و ص 686 ح 42748.

لذا أقول لماذا الإنسان يبحث عن يوم القيامة الكُبرى؟ علمًا أنّه لا يحس كيف ينتهي الزّمن لأنّه ينتظر في البرزخ إلى يوم الحشر دون أن يحس واليوم عند الله كألف سنةٍ عندنا كما ذكرت لذا فالإنسان ينتظر في البرزخ أيّامًا معدودة. الله أعلم الغير المتقين هم كثير السؤال، وهم يخافون من الموت السّريع دون أن يحضّروا أنفسهم وهم يخافون من عاقبة الموت، ويفكّرون عند الشيخوخة سوف يؤدّون فرائض الإسلام، ولكنهم لا يفكّرون أن الأطفال كذلك يموتون.

 

17ـ لماذا خلق الله الانسان؟

قال تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) المؤمنون:115-116. (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) يس، 36.

ومن أجل تحقيق صبغة التوحيد في قلبه؛ قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً) البقرة، 138. وكمال الله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الدخان 38-39. ويقول أيضًا: (حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) الأحقاف: 1-2-3. والإنسان من جملة ذلك الخلق. وقد خلقهم كما قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذريات، 56-58.  فلا شيء أشرف للإنسان من أن يكون عبدًا محضاً لله تعالى وحده، يأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ويتوجه بتوجيهاته، ويسير على صراطه المستقيم، لا نصيب لغير الله تعالى فيه. وقال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الزمر، 29.

وقد يكون في خلق الله الإنسان بسبب جود الله وكرمه ورحمته وقدرته، وخلقه ليجعله يتمتع بالوجود والحياة الكريمة. وكان الله موجودًا منذ الأزل وهو الكائن الوحيد الموجود. وكان مكتفياً بذاته. وكان ممكناً ألا يوجد الإنسان، ولا أى مخلوق آخر. ولكن الله من كرمه وجوده ورحمته وقدرته، خلق الكائنات وأنعم الانسان بنعمة الوجود على هذا العدم. ومن أجل الإنسان خلق السّموات والأرض وما فيها وما عليها.

وقال أيضاً (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت، 2-3. وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك،2. فالمؤمن يدرك أن الحكمة من خلقه الابتلاء والامتحان، وأن أدوات الامتحان هي كل ما في هذه الدنيا، ومدة الامتحان هي حياته على الأرض. فعلى العبد أن يجتهد في عبادة ربه، وأن يستعد للقاء الله في يوم يشيب فيه الولدان، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.

وخلق الانسان لأجل أن يتجلي كل الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية على عباده. وأن يظهر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى قدرته للعالمين، لأنه لا يكون الملك ملكاًـ ولله المثل الأعلى ـ إلا إذا كانت له رعية يتصرف فيهم، يقتل هذا ويعفو عن هذا، ويعطي هذا ويولي هذا، ويعزل هذا، فإذا كان ملك بلا رعية، فعلام يكون ملكاً؟!

وقد خلق الانسان لأجل أن أن يظهر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى غفرانه وعفوه، وشديد عقابه، فإنه الغفور الرحيم، شديد العقاب، فكيف نعرف أنه غفورٌ رحيم إذا لم يغفر؟ أتأتي إلى ملك من الملوك فتقول: يا حليم وهو ما سبق له أن حلم عن أحد، وتقول: يا جواد، وهو ما سبق أن أعطى أحداً، وتقول: يا قوي، وهو ما سبق أن هزم جنداً، لا، لابد أن تظهر الأسماء والصفات في المخلوقين. فهو الغفور الرحيم، فلذلك أذنب آدم فظهرت مغفرته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وأخرجه من الجنة فظهرت قدرته، وسلط الله على بعض عباده العذاب فظهر أنه شديد العقاب.

 

والله الموفق

نظام الدين إبراهيم أوغلو ـ تركيا

 


[1]  النساء، 13.

[2]  البقرة، 177.

[3]  البقرة، 285.

[4]  النساء، 136.

[5]  الأعراف، 54.

[6]  الزّخرف،69.

[7]  آل عمران، 67.

[8]  أل عمران، 85.

[9]  العلوم الطّبيعية في القرآن، يوسف مروة، ص 123.

[10]  المائدة، 9.

[11]  المصدر السابق، مروان إبراهيم القيسي، ص 38.

[12]  ترتيب العلوم ، محمد المرعشي، ص 143

[13]   المنقذ في الضلال، للغزالي، ص

[14]  إحياء علوم الدّين، للإمام الغزالي، ص 95، 99

[15] . المصدر السّابق، محمد المرعشي، ص 150

[16] http://www.islam4u.com/almojib_show.php?rid=578

[17]  المصدر السّايق، للإمام الغزالي، ج 1 ، ص 102

[18] المصدر السّابق، للإمام الغزالي، ج1 ، ص 102.

[19]  المصدر السابق، للدكتور مروان إبراهيم القيسي، ص43،44.

[20]  الفرق بين الفرق، عبد الفادر محمد البغدادي، ص 113،72. المصدر السابق، مروان إبراهيم القيسي ص 39،43.

[21]  المصدر السابق، عبد الفادر محمد البغدادي، ص 113،72.

[22]  البقرة، 163.

[23]  يونس، 3.

[24]  حقيقة التوحيد، د. يوسف القرضاوي، ص 43.

[25]   المصدر السابق، ص 45.

[26]  الإخلاص،1.

[27]  المائدة، 116.

[28]  البداية في أصول الدين، انور الدين الصابوني، حققه وعلق عليه بكر طوبال أوغلى، ص 76.

[29]  نفس المصدر السابق، ص76.

 فاطر، 11.[30]

[31]  نفس المصدر السابق، ص83.

[32]  نفس المصدر السابق، ص 78ـ79.

[33]  نفس المصدر السلبق، ص 78، 79.

[34]  المصدر السلبق، لنور الدين الصابوني، ص 16.

[35]  المصدر السابق، ص 37.

[36]  الصافات، 96.

[37]  الملك، 14.

[38]  المصدر السابق، 64، 67.

[39]  المصدر السابق، 85، 86.

[40]  المصدر السابق، نور الدين الصابوني، ص 43، 44.

[41]  للمزيد من المعلومات أنظر http://www.nizamettin.net/tr/arapca_makale-arastirma/tevekkul_ve_duanin_onemi.htm

[42]  للمزيد من المعلومات أنظر

http://www.nizamettin.net/tr/arapca_makale-arastirma/islam_din_ruh_yapisi.htm

[43]  آل عمران، 169.

[44]  للمزيد من المعلومات أنظر تبسيط العقائد الإسلامية، لحسن أيوب ص 54.

[45]  الحجرات، 34.

[46]  الإٌسراء، 65.

[47]  النمل، 99،100.

[48]  القلم، 44.

[49]   الروح، لابن قيم الجوزية، ص 10ـ 540.

[50]  البقرة، 102.

[51]  النمل، 16.

[52]  الكهف، 23.

[53]  التوبة، 188.

[54]  البقرة، 212.

[55]  هود، 6.

[56]  آل عمران، 26.

[57]  آل عمران، 26.

[58]  البقرة، 216.

[59]  العنكبوت، 21.

[60]  آل عمران، 168 .

[61] البقرة، 155.

[62]  الإنسان، 12.

[63]  النّساء، 69.

[64]  الأنعام، 93.

[65] الشعراء، 88،89.

[66]  البقرة، 25.

[67] المائدة ،9.

[68]  البقرة، 36.

[69] النساء، 93.

[70]  الأنعام، 112.

[71]  للمزيد من المعلومات أنظر  http://www.nizamettin.net/tr/arapca_makale-arastirma/isl_ceza_ve_ibt_anlayisi.htm

[72]  النحل 18.

[73]  دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدي، جلد 10، ص172ـ182.

 الزّمر، 9.[74]

 الفاطر، 28.[75]

 المجادلة، 11.[76]

 النّحل، 43.[77]

 مريم، 43.[78]

 التّوبة، 122.[79]

 آل عمران، 18.[80]

 النّساء، 162.[81]

       Geri

 

Web Siteme Hoş Geldiniz!

اهلاً وسهلاً لزيارتكم موقعنا

 

Copyright ©2006
Nizamettin İBRAHİMOĞLU