Ana sayfa Özgeçmiş Arapça Öğreniyorum Arapça Alıştırmalar İletişim

 
    Ana sayfa > Arapça Makale ve Araştırmalar > Eğitim Bilimi





 
 

 

 

المختصر في علم التّربية

 

د. نظام الدين إبراهيم اوغلو

باحث أكاديمي تركماني ـ تركيا

e.mail. nizameddin955@hotmail.com

 

الفصل الأوّل

 

علم التّربية

 

تعريف علم التّربية:

 

التربية هي التأثر في فكر الإنسان وانفعاله ونزوعه، بغية الارتقاء بمفاهيمه وأخلاقه وسلوكه. بمعنى أخر التطبيق العملي في سلوك الأفراد. وهي من العلوم الإنسانية الذي أصبح له أثره وخطره في الحياة التعليمية بمختلف مراحلها وشتى ميادينها وأنواعه، لا صبغها بصبغات مختلفة حسب فلسفة التربية ومنطلقها ووجهتها. وعلى المربّي أن يكون خبيرًا بعلوم التربية وأصول التربية وطرقها، وكيفية توجيه المخاطبين، وإيصال المعرفة إليهم.

وفي التربية يجب على الأباء أن لا ينحازوا إلى طفل دون الأخر. وخاصة إلى الطفل الأصغر كما هي العادة. لأن ذلك يدعوهُ للتمادي والظّلم ويدعو إخوته إلى التذمر والتشرد، ويخلق الحسد وكره الأبوين الغاشمين، غير أنّ هناك ظروفًا خاصة تُبيح للأباء تميز أحد الأولاد على غيره كالضّعيف والعاجز والمريض والبليد والصغير في المهد[1].

 

سبب فتور التّربية في الإسلام:

 

اهتم الإسلام بتعليم وتربية على علوم الدّين الإسلامي ومحامد الأخلاق، وعاش عصرها الذّهبي قرون عديدة فرّبى أجيالاً كثيرة مثل أبي بكر وعُمر وعثمان وعلي وخالد وعمر بن العزيز وأبي حنيفة والشافعي وابن عربي وابن تيمية والسيوطي والإمام الرباني وعمر المختار ونحوهم. والإسلام اهتم بتربية الصبي والأولاد على الآداب وأمور الحياة، وتعليمهم على كافة العلوم وحتى على الاحترام بالمعلم وآداب السّماع والإصغاء وأصول التدريس والقراءة.

وهكذا بدأ العلماء الأفاضل بالاهتمام على تعليم الطلاب واعتبره من عبادة ومن الدين وبوسائل عديدة، وبحرية تامة دون ضيق أو تشديد عليهم، والأباء كذلك ويسهرون الليالي دون ملل وتعب من أجل راحة وتعلم وتعليم أولادهم.

كانت دراسة الطلاب في مدارس الدول الإسلامية في السابق مجانية ولا يجدون مشاكل مادية، ولا خوف على مستقلهم، وكانوا بعيدون كل البعد عن أماكن اللهو والفساد والفتن واللغو. وهذه الأمور والخصوصيات جعلهم أن يبدعوا في اختصاصات عديدة، ويكونوا علماء أفذاذ، فنشأة من بينهم عباقرة كثيرة كالفارابي وابن سينا وابن حيان والزمخشري والغزالي وكثيرون.

أما التربية الإسلامية بعد سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية، دخلت في فتور وركود بسبب تمزق الأراضي الإسلامية واحتلال الاستعمار ومنع التعليم الإسلامي بشكل مباشر أو غير مباشر عليهم، وتبديل مناهج ومصادر الكتب إلى مناهج غير إسلامية، وحتى سلبوا منهم حقوقهم وحرية التعبير والرأي ونحوه، بالإضافة إلى إبعاد أو تهجير أو قتل العلماء الأفاضل. وكل هذا حصلت مع الأسف الشديد بأيدي منافقين من الحكام المسلمين وبفضل هؤلاء الحكام الظالمين لم نجد بعد ذلك علماء مبدعون كالسابق. والمسلمون بعد أن كنا من مصدري كافة العلوم والإبداعات والاكتشافات والاختراعات ومن مصدري العلماء والأساتذة الأفاضل إلى كافة أقطار العالم، والآن أصبحوا من مستوردي هذه العلوم والإبداعات والاختراعات وحتى من مستوردي علماء وأساتذة دول الاستعمار. وبعد أن كنا أعزاء بفضل العلماء والأمراء الطّيبين، والآن أصبحنا بفضل الحكام الطاغون والعلماء المنافقون أذلاء عند العالم، وقول الرسول (ص) يؤيد هذا (صنفان من النّاس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء) رواه أبو نعيم في الحلية. (أفة الدّين ثلاثة: فقيهٌ فاجرٌ وإمامٌ جائرٌ ومجتهدٌ جاهلٌ) في الجامع الكبير رواه الدّيلمي عن ابن عبّاس. (سيكون أمراء فسقة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولستُ منه ولن يردعلى الحوض) رواه احمد والنسائي والترمذي والبزاز.

 

أساليب التربية أو التعليم:

 

يجب أن نتعلم أسلوب الخطاب مع الأطفال. من الأساليب: ـ لاتقل لطفلك: قُم صلي! فإذا لم تصلّ تذهب إلى النار. بل قل له تعال نصلي معًا لنكون في الجنة معًا. ـ ولا تقل لطفلك قُم رتب غرفتك التي مثل الخرابة! بل قل له: هل تحتاج للمساعدة في ترتيب غرفتك لآنك دائمًا تحب النظافة والترتيب. ـ ولا تقل لطفلك قم أدرس وأترك اللعب! بل قل له، الدّراسة أهم من اللّع، فأنت ما شاء الله عاقل تعرف كل ذلك. 2ـ وأن نستعمل أُسلوب التكريم. ويكون عن طريق تكريم ومكافئة العمال والأفراد والطلاب على شكل جوائز تقديرية بسبب نجاحهم وتقدمهم واخلاصهم في السعي والعمل، وهذه الجوائز يمكن أن تكون على شكل التصفيق والتلطيف بالمدح والاحترام والدعاء وإعطاء وثائق الشكّر ومنح النقود والهدايا وميداليات أو ترفيع درجاتهم وجعلهم مسؤولين ومشرفين ومدراء ونحو ذلك.

وهناك أسلوب آخر للذي لا يفهم إلاّ أسالوب العقاب والجزاء، فالعامل الكسول والمتهور جزاءه يكون اعطاءه التوبيخ وقطع الراتب وأخيرًا طرده من العمل. وجزاء الطالب الوقح الكسول يكون باللوم فإذا لم يكفيه يكون جزاؤهم بالرسوب في الصّف، وإذا لم يفيد ذلك يكون بالضرب الغير المُبَرِّح. لقد أوضحه إبن عباس في البخاري، وقال أن لا يزيد الضرب عن عشرة مسواك من دون رفع مرفق اليد إلى الاعلى أي أن لا تكون شديدًا. وقد يتبين الضّرب للناس نوع من القساوة إلاّ أنّه هو الدّواء الشّافي لبعض الطّلاب الوقحين، وقد يكون مانعًا لهم في أن يرتكبوا الجائم الكبرى ـ لاقدّر الله ـ في المستقبل. وقال الرسول (ص) في موضوع الصّلاة (مُرّوا أولادكم بالصّلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أبو داود بإسناد حسن. وقد قاس العلماء هذا الحديث في التعليم والتربية.

ومن أمثلة العقوبات في الاسلام كعقوبات القتل العمد يكون بالقتل، وعقوبة الزاني وكذلك شهادة الزور بثمانين جلدة، وقطع يد السارق، قال تعالى (ولكم في القصاص حياةٌ ياأُلي الألباب لعلّكم تُفلحون). فللعقوبات تأثير كبير على تقليل الحوادث الجنائية. وحتى أن ابن خلدون يركّز على تعليم الطفل وتأديبه بالضرب الغير المبرح عند الضّرورة فقط. ولكن بسبب إفراط بعض الأساتذة والآباء في الضرب الشديد كإفراطهم في أكثر الأوامر الإسلامية، فاشتدد كره الناس على الضّرب، واعتباره من أساليب القسوة، وحتى أن الدّول الاسلامية امنعتها في كل مكان. وحتى أننا نجد مثل هذه العقوبات والجزاء في القوانين المدنية أيضًا، بطرق أخرى مختلفة. وقيل أنّ حكومة بريطانيا اكتشفت في الضرب فائدة ذلك وبدؤا بالبحث عن تطبيقها في مدارسهم.

 

آيات وأحاديث في علم التّربية:

 

آيات القرآن الكريم كلها تهتم بتربية النفوس البشرية، وويفرض الإسلام عليهم أن يأخذوا القرآن والنبي قدوة حسنة لهم لكي يرضى الله تعالى عنهم ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا، من الآيات: (وقل ربّ إرحمهما كما ربياني صغيرًا)[2]. (قال ألم نربك فينا وليدًا)[3]. (وقل ربّي زدني علمًا)[4]. (وَلْيَخشَ الَّذينَ تَرَكُوا مِن خَلفِهِم ذُرِيَّةً ضِعَافًا)[5]. وهناك أحاديث كثيرة على ذلك منها (علّموا أولادكم الصلاة في السبع). (خيركم من تعلم القرآن وعلّمه) رواه عثمان. (أشدّ النّاس عذابًا عالم لم ينفعه علمه) رواه ابن ماجة والطّبراني وابن عُدي. (أدّبني ربّي فأحسن تأديبي). ومن أقوال الصحابة قال عمر (رض) (علّموا أولادكم السّباحة والرّماية وركوب الخيل). وقول الإمام علي (من علّمني حرفًا صرت له عبدًا). بالإضافة إلى آيات كثيرة عن فضائل العلم والعلماء. وقد ذكرناها في علم القرآن والحديث.

 

متى يكتمل عقل الطّالب وتحصل فائدة التربية؟

 

1ـ قال عمر (رض) "يحتلم الغلام لأربع عشر، وينتهي طوله لإحدى وعشرون، وعقله لسبع وعشرين، إلاّ التجارب". ويمكن أن نفهم من هذا أن أخذ العلوم بصورة عامة ينتهي بعد السن 27، وبعدد ذلك يضعف قابلية الأخذ وحفظ العلوم عند الإنسان عمومًا، إلاّ التجارب التي لا ينسى، لأنّ الإنسان يعيش معها عمليًا وباستمرار. والطب أثبت علميًا أنّ مخ الإنسان وبدنه ينمو إلى عمر ما بين 18 ـ 21 سنة، ثم يبدأ بموت الخلايا والأعصاب في أعضاء البدن كلّها، إلاّ في المخ والقلب بدلاً من موتها يضعف خلاياهما، وهذه لحكمة إلهية والله أعلم حتى لايفقد المخ (مركز حفظ المعلومات)، والقلب إذا فقد أو تلف خلاياه لايمكن التعويض عنها ويتعرض حياة الإنسان إلى الموت، بخلاف بقية الأعضاء إذا فقدت لا يتعرض حياة الإنسان إلى الموت.

قال الإمام الشافعي رحمه الله حول أخذ العلم:

العلم في الصغر كالنقش على الحجر ................. والعلم في الكبر كالنقش على البحر

2ـ قال تعالى (حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة، قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه)[6]. هذا السن هو سن الرّشد وتكامل العقل البشري عمومًا، وهو سن العطاء لما تعلمه من العلوم والتجارب.

3ـ وبعد هذا السن واكتمال العقل والتجارب بشكل ما يبدأ الإنسان بالتذكير والتبليغ والإرشاد للشباب والناس أجمعين، كما عمل الرسول (ص)، وترك من بعده أقواله ونصائحه في الأحاديث الشريفة. والتجربة والعمل التطبيقي شيء مهم بعد التعلم، لأن الإنسان بالعمل التطبيقي لا ينسى ما تعلمه من العلوم ويقول المثل "إسأل المجرب ولا تسأل الحكيم".

باختصار يمكن القول: أن القرآن الكريم قد تطرق كما ذكرنا أعلاه إلى مرحلة التعلم (إقرأ باسم ربك، ومرحلة التعليم (علّمه البيان)، ومرحلة الكتابة والتأليف (الذي علم بالقلم)، وهي أعلى مراحل العلم.

 

عوامل النجاح في التّربية والتّعليم:

 

يجب أن يكون عند المتعلم الحب والشوق والرغبة في التعلم، مع عامل الذكاء وفهم واستوعاب المواضيع. ثم أن يكون الدراسة مجانية التعليم حتى لا ينشغل الطالب في تأمين الكتب والقراطيس وخاصة للطلاب الفقراء لأنهم يعانون من ذلك وهم يشكلون أكثر الراغبين في التعلم. بالإضافة إلى ذلك علينا مراعاة ما يلي:

 المعلم أو المدرس الجيد: الذي يشكل الأساس في عملية التعليم والتربية.

2ـ الطالب الجيد: الذي وهو العنصر الأساسي لعملية التعليم، والذي يقع عليه  الوظيفة الكبرى لأجل التعلم، لذا يجب عليه أن يكون له الإرادة والرغبة في التعلم وقابلية الاجتهاد والسعي، وفهم المواضيع.

3ـ المنهج الجيد: الذي يلائم ظروف الطالب من النواحي العقلية والنفسية.

4ـ المصادر والكتب الجيدة. التي فيها معلومات قيمة ومفيدة، ومكتوب بأسلوبه سهل.

5ـ الإدارة الجيدة: التي تعمل على تنسيق كافة متطلبات الطلاب والمدرسين، دون إدخال السياسة والتحزب فيها، بل عليها تأمين الجو المدرسي الملائم للتعليم.

6ـ التوجيه والتفتيش الإداري الجيد: وتكون عن طريق الوازرة أو من قبل الهيئات الإدارية، وله تأثير سلبي أيضًا في رفع المستوى التعليمي.

7ـ محتوى المدرسة وكبرها وراحتها الجيدة: من بناية واسعة، وصفوف وأثاث ومختبرات جيدة ومريحة، بالإضافة إلى المقاصف والحدائق الواسعة والجميلة مع أماكن الترفيه والقاعات ولكل هذه تأثير على نجاح الطالب.

 

الأسلحة التي يجب أن يتسلحها كلّ مسلم لأجل التفوق:

 

1ـ سلاح الإيمان: الإيمان بالله والتوكل عليه في انجاز العمل، وعدم اليأس والصبر على الإجتهاد عوامل مهمة في تشجيع الطالب على التفوق والنجاح سواء في الحياة. فقال (ص) (ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل). وبما أن كلّ العلوم من ثمار وإنتاج الإنسان، فالوصول إليه عمل بسيط إذا توفرت الإيمان والإرادة العالية.

2ـ سلاح الأخلاق الفاضلة: من لوازم الإيمان، لأن الفض وغليظ القلب والحسد والبخل وحب الذات ومثل ذلك من الأعمال السيئة، لايمكن للإنسان أن يصل إلى أهدافه بشكل جيد. والله يأمرنا على الإبتعاد من الصفات السيئة فقال تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظًا غليظ القلب، لأنفظوا من حولك)[7]. (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا)[8]. والرسول (ص) يشجع على الأخلاق الكريمة أيضًا فيقول: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا). فلسوء الأخلاق تأثير سلبي على النجاح.

3ـ سلاح العلوم والثقافة العامة: وهو سلاح مهم كذلك لأن فيها كل مقومات قول الله تعالى (وأعدّوا لهم ما اِستطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، فيها التَّهىء من الناحية العلمية من علوم عسكرية وتكنولوجيا واقتصادية وسياسية ونفسية واجتماعية وصحية وبدنية وبقية العلوم.

لذا نجد أن الدين الإسلامي يهتم بكافة الأعضاء حتى تؤدي وظائفها بأحسن وجه وخاصة اهتم أولاً بالقلب (العقل) وباللسان وباليد ثم الباقي. واهتم أيضًا بالعبادات ومن أفضلها طلب العلم والذّكر وبالعطاء من صدقة وجهاد ونحو ذلك.

 

أماكن التّربية والتّعلم:

 

1ـ التربية في محيط البيت والعائلة.  2ـ التربية في محيط المدرسة. 3ـ التربية في محيط المسجد.  4ـ التربية في محيط الجماعات والجمعيات. 5ـ التربية في محيط المعامل والمصانع ومحل العمل. 6ـ التربية في محيط المدينة والشارع والأزقة. 7ـ التربية في محيط أماكن اللهو من القهاوي والتلفزيونات والانترنيت والمسرحيات والسينما، ونحو ذلك.

 

وسائل التربية والتّعليم:

 

1ـ الكتب والمصادر. 2ـ الصحف والمجلات. 3ـ الخطب والوعظ وحلقات الذكر ودروس المساجد. 4ـ وسائل الإعلام (الراديو والتلفزيون والفيديو والمسجل والإنترنيت).  5ـ الرحلاّت والسفر. 6ـ العيش مع الناس تجارب الحياة. 7ـ المحاضرات والندوات والمناقشات العلمية. 8ـ الكشف والاختراع والعمل الصناعي والمختبيري والتكنولوجي.

 

أنواع التّربية والتّعليم:

 

التّقسيم الأوّل

 

1ـ التربية الجسمية والبدنية.  2ـ التربية الخلقية والدينية. 3ـ التربية العقلية والذهنية. 4ـ التربية الذوقية. 5ـ التربية النفسية. 6ـ التربية الاجتماعية. 7ـ التربية الاقتصادية. 8ـ التربية السياسية والعسكرية. ونحو ذلك.

 

التّقسيم الثّاني

 

1ـ التربية الزراعية.  2ـ التربية الصناعية. 3ـ التربية التصوفية. 4ـ التربية العسكرية. 5ـ التربية الإدارية. 6ـ التربية الدينية. 7ـ التربية العلمية والثقافية. 8ـ التربية الطبية. 9ـ التربية الاجتماعية.  10ـ التربية العائلية. ونحو ذلك.

 

مراحل التربية والتعليم:

 

1ـ تربية وتعليم الجنين. وهو في بطن الأم ويبدأ بعد الشهر الثالث.

2ـ تربية وتعليم الطفل إلى نهاية الرضاعة ومدته سنتان بعد الولادة.

3ـ تربية وتعليم الصبي والفتى من العمر 3 إلى 13 من العمر.

4ـ تربية وتعليم الأولاد والشباب من 14 سنة إلى 21 سنة تقريبًا.

5ـ تربية وتعليم البالغ والرشيد، والتي تبدأ من 22 إلى 40 سنة.

6ـ تربية وتعليم الكبار والمسنين وتبدأ من 40 إلى 60 سنة.

7ـ تربية وتعليم الكهول والعجائز مابعد 60 من العمر.

 

طرق تعلم العلوم والمراحل التي يقطعها الطالب:

 

طرق تعلم العلوم تكون: 1ـ إما عن طريق الاستدراج (بالتدرج). 2ـ أو عن طريق الاستقراء (أي التعلم من الجزء إلى الكل). 3ـ أو عن طريق القياس (أي بالمقايسة).

المراحل التي يقطعها الطالب:

1ـ مرحلة التعلم بالقِراءة وفَهم المقروءِ، وبالسّماعُ وفَهمُ المَسموعِ: قال تعالى (إقرأ باسم ربك الذي خلق، إقرأ وربك الأكرم)[9]. (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)[10]. (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)[11]. وأثبت العلم أن نسبة استوعاب العلوم تكون تأثيره كالأتي: أ ـ عن طريق النظر 75%.  ب ـ وعن طريق السّمع 13%.  ج ـ ونسب بقية الحواس الأخرى 12%.

2ـ مرحلة الاستيعاب والفهم: ويكون بالبحث مع ترسيخها والتفكر بها، قال تعالى (والراسخون في العلم منهم يقولون أمنا به)[12]. (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)[13]. وهم الفقهاء والمجتهدون.

3ـ مرحلة التّعبير الشّفهي والمحادثة الجيّدة: قال تعالى (علّمه البيان).[14]وهم الدّعاة والمرشدون والوعاظ.

4ـ مرحلة الكتابة والتّعبيرُ التّحريري: أي كتابة القصص والمقالات والأبحاث ونحو ذلك. وهم أعلى مراحل التعلم، والتي يبدي ما تعلمه بالكتابة، والتي تشكل حضارة دولة وأمم، قال تعالى (الذي علّم بالقلم)[15]. ولهذا السبب فضل الإسلام الأعضاء الثلاثة على باقي الأعضاء: وهي العقل (القلب) ـ اللّسان ـ اليد.

 

مصادر كتب التربية:

 

1ـ فلسفة التربية الإسلامية ـ للدكتور عمر التومي الشيباني.

2ـ في أصول التربية الإسلامية ـ للدكتور عبد الغني عبود.

3ـ من الأصول التربوية في الإسلام ـ للدكتور عبد الفتاح جلال.

4ـ منهج التربية الإسلامية ـ للأستاذ محمد قطب.

5ـ منهج القرآن في التربية ـ للأستاذ محمد شديد.

6ـ نحو التربية الإسلامية الحرة ـ للأستاذ أبي الحسن الندوي.

7ـ التربية الإسلامية ـ لمحمد أحمد جاد الصبح. ثقافة الداعية ص 131.

8ـ كيف نربي أطفالنا ـ محمود محمد الإستانبولي.

 

تصنيف العقول بشكل عام

 

أ) درجات العُقول عند الأفراد:

 

1ـ عقول متميزة: وهم أولي الألباب، وأولي النهى، وأولي الأبصار والراسخون في العلم، والدّهاة، والعباقرة، والفلاسفة، والمجتهدون، والمتفقهون، والخبراء، والحكماء، والمخترعون، والمكتشفون، والأطباء والمهندسون الماهرون، والسياسيون والإداريون والمفكرون العظام ونحوهم. لقد أثبت العلماء أن نسبهم 3 00% ثلاثة من الألف في كل قوم من الأقوام دون استثناء. وآيات كثيرة حول ذلك منها: (إنّا نبشرك بغلام عليم)[16]. (والراسخون في العلم يقولون آمنا به)[17]. (قد فصّلنا الأيات لقوم يفقهون)[18]. (يقلب الليل والنهار إن في  ذلك لعبرة لأولي الأبصار)[19]. (إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)[20].

2ـ عقول متعلمة: وهم الذّاكرون، والمتفكرون، والعلماء، والعقلاء، والعارفون، والباحثون، والفاهمون، والمعلمون، والمرشدون، والمربّون، وذو التجارب الحياتية الكثيرة، والذين يسمعون الكلم ويتبعون أحسنه ونحوهم. وهؤلاء يمكن لهم أن يصلوا إلى درجة أولي الألباب وأولي الأبصار بالقراءة والتعليم وبالسعي والتفكر الكثير. ونسبهم كثيرة جدًا. وإليكم آيات كثيرة على ذلك منها: (ثمّ تولوا عنه وقالوا معلّم مجنون)[21] أي أنه رجل متعلم. (كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)[22]. (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)[23] أي عليكم بالتعقل بعد التعلم.

3ـ عقول مريضة أو متحجرة: وهم الذين لايريدون التّعلم، ولا سماع القول الجميل، ولا يريدون التّعقل والتفقه والتّفكر في الأمور الخيرة. لأنّ الله طبع على قلوبهم وقلوبهم غُلف، ولايريدون سماع قول الله. وهم كالأنعام بل هم أضلّ سبيلاً.

 

ب) تصنيف عقول الأفراد حسب وجود علة:

 

1ـ المصابون بمرض طبي نفسي أو عقلي: كالشعور بالنقص والازدواجية الشخصية والجنون والأبله ونحو ذلك. وهؤلاء ليس لهم حرج وعندهم عذر (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج)[24]. وقال (ص) (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، والنائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق).

2ـ المصابون بنقص علمي أو أخلاقي: فالجهل بالعلوم والأخلاق الإسلامية، في نظر الإسلام أنه جاهل. والدّين الإسلامي يأمر الإنسان إلى معرفة كافة العلوم وبالأخص إلى معرفة ضروريّات الإسلام. ومعرفتها فرض على كل مسلم عاقل بالغ. ويسمى هذه الضرورات في الفقه "بفرض العين من العلوم"، ولا يُعذر الجهل بمخالفةِ أوامر الله تعالى، وتدخل في مجموعة علم أصول الدّين، وبالدّرجة الأولى علم العقيدة. ومن مواضيعه الإيمان بالله وما أنزل وأُمر به. ثمّ يأتي علم الأخلاق وقسم من علم الفقه، ومن مواضيعه تنفيذ الأعمال الصّالحة والنّهي عن الأعمال القبيحة، هناك أيات كثيرة تثبت ذلك (من آمن باللهِ واليوم الأخرِ وعملَ صالحًا فلهم أجرهُم عند ربهم)[25]. (إلاّ مَن تاب وعملَ صالحًا فأولئكَ يدخلونَ الجنّةَ)[26].(الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات طوبى لهم وحُسن مآب)[27]. وكما يقول المثل (الإنسان عدوّ ماجهل)، لذا إذا لم يعرف الإنسان من العلوم الدّينية شيئًا فقد يؤديه إلى الكفر والظلم والطغيان بالإضافة إلى الشّقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وهكذا يكونوا من أعداء الإسلام، ويعاقبون بالجزاء الأوفر، لأن المنافق يعمل لأجل مصالحه، والجاهل يتكاسل في التطبيق العملي وفي التعلم بضروريات الدّين. فقال الله تعالى فيهم (لهم قلوب لا يفقهون بها)[28]. (ولكن المنافقين لا يفقهون)[29]. (على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا)[30]. (وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون)[31]. وآيات وأحاديث كثيرة.

3ـ الأميون وأصحاب الفطرة السليمة: وتعريف الأمي في الإسلام: أنه لا يحسن قراءة القرآن. والأمِّي في كلام العرب: الذي لا يعرف القراءة والكتابة. ولكن في كلا الحالتين أنه يعرف أمور الحياة بتجاربه وخبراته وفطرته السليمة. والأميون لظروف استثنائية أو لأسباب ليست بأيديهم حرّموا من التعليم والتربية، إما لأسباب مادية أو معنوية أو اجتماعية أو سياسية أو نفسية وصحية. ولكن لكونهم أُميون لا يمنعهم من أن يتعلموا ضروريات الدين الإسلامي والأخلاق الإسلامية السامية. ولا يمكنهم أن يتخلصوا من جزاء الله تعالى. وطريق الخلاص من أفة الجهل هو التعلم والقراءة والسماع والتفكر. وأما عن العامل الرئيسي في أمية الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو عامل ديني من أجل إظهار معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام، وكون القرآن الكريم أنه منزل من قبل الله تعالى ولم يكتبه هو. وأية (اِقرأ باسم ربك الذي خلق)[32] دليل أخر أن القرآن نزل عليه الله تعالى بواسطة. وبعد نزول القرآن قيل أنه تعلم الكتابة، بدليل أنه كان يدقق كتابات آيات وسور القرآن الكريم، ويصحح الأخطاء فيها، بالإضافة إلى بلاغة أحاديثة وأقواله.

 

ج) تصنيف عقول الأفراد حسب قابلية الذكاء:

 

1ـ المفكر: يريد الوصول إلى النتيجة عن طريق التجزئة.

2ـ العاقل: الذي وصل إلى النتيجة.

3ـ المتدبر: يخمن الأفكار الجديدة  لموضوع ما وقد يصل إلى الحقيقة.

4ـ المتفقه: أي يفهم ويعلم الأحكام الشرعية من آيات القرآن الكريم.

5ـ الذّاكر: الذين يتذكّر. ويكون عمله قياس حاضرٍ على غائب. وقد يكون في القياس شك.

6ـ الرّاشد: يصل إلى الحق بالتجزئة، ومن الشك يصل إلى اليقين.

7ـ الوازع: العقل الوازع ملكة يناط بها الوازع الأخلاقي والسلوك الراقي ويدخل العاطفة فيها مما يؤدي يوجه الإنسان نحو الأحسن ويمنعه من القبيح.

 

د) تصنيف عقول الافراد حسب السلوك الشخصي:

 

1ـ العقول المتحرّرة. 2ـ العقول المتقلبة. 3ـ العقول المتعصبة. 4ـ العقول المتحجّرة. 5ـ العقول الجاهلة. 6ـ العقول الجبانة. 7ـ العقول المزدوجة. 8ـ العقول الرّجعية والمتخلّفة.

 

درجات العلم عند النّاس:

 

1ـ قال تعالى (نرفع درجات من نشاء وفوق كلّ ذي علمٍ عليم)[33]. (ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجات)[34]. (نرفع درجات من نشاء إنّ ربك حكيم عليم)[35]. (ولله عليهن درجةً والله عزيز حكيم)[36].

2ـ قال الرسول (ص) (كن عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا ولا تكن رابعهما فتهلك) حديث صحيح. والرابع هو الجهل، والجهل كما ذكرنا بمعنى الجهل في كل الأمور، من قراءة وكتابة وعلوم دينية وحياتية.

3ـ قال الإمام علي (رض)، وقيل أيضًا أنه من قول الخليل بن أحمد الفراهيدي: (إنّ أحوال الإنسان أربعة أقسام: قسم يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فحبّوه أو إسألوه، وقسم يدري ويدري أنه لا يدري فذلك جاهلٌ فعلّموه أو ذكّروه، وقسم لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك نائم فاستيقضه، وقسم لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك أحمق أو جاهل فاجتنبوه).

 

كيفية تقوية الفهم والحفظ؟

 

1ـ التقوى: لأنّ فيها الهدوء والاهتمام لآيات الله تعالى والخشوع والتأمل والتّدبر والتعقل والتفكر.

2ـ التّكرار: لأنّ في التكرار والتذكرة يسهل عملية الحفظ وعدم النسيان. (فذكّر إن نفعت الذكرى).

3ـ الاهتمام: كلّما اهتم الإنسان بشيء وتعلق به مصيره، يكون قد إتخذه من أوليات فهمه وحفظه وعدم نسيانه.

4ـ الارتباط بالأحداث: ارتباط الموضوع بالأحداث كذلك يجعل الإنسان بأن لا ينسى الموضوع، مثال على ذلك ارتباط الحادث بخوف أو حزن أو فرح وسرور ونزاع وحروب.

5ـ فهم الكلام: كلّما إزداد فهم الموضوع كان حفظه أسهل.

6ـ الجرس الموسيقي: كلّما كان في الموضوع جرس نغمي من سجع ووزن وقافية ونحوه. يسهل الحفظ.

7ـ مصدر الكلام: وخاصة إذا كان من الوحي أو من الرسول ص) أو من المعلم والمرشد والقائد والأبوين، كان في الإهتمام بها وحفظها يكون أكثر.

8ـ السّلامة الجسمية وسلامة العقل: لأنّ العقل السليم في الجسم السّليم.

9ـ الخوف والرّجاء أو الحب والكره:  كلّ هذه لهم أثر في تشغيل العقل.

10ـ الوقت: وكذلك الاهتمام بأوقات القراءة له تأثير في الحفظ والتعلم. وبالأخص القراءة في الصباح الباكر أو في هدوء الليل. ومن الفصول خاصة في فصل الربيع.

11ـ السّن: كذلك للسن في التعلم والحفظ تأثير كبير، وخاصة تكون منذ الطفولة: كما قال الإمام الشافعي: العلم في الصغر كالنقش على الحجر ........... والعلم في الكبر كالنقش على البحر.

12ـ عوامل أخرى كتشويق المتعلم بالمكافئات أو بالجزاء، المنافسة مع أقرانه من الأصدقاء ونحو ذلك.

4ـ قال عمر (رض): الرجال ثلاثة: رجلٌ ذو عقلٍ ورأي، ورجلٌ أذا حزبه أمرًا أتى ذا رأي فاستشاره، ورجلٌ حائر لا يأتمر رُشدًا ولا يطيع مُرشدًا.

 

 

الفصل الثّالث

 

الدّعوة والتعليم وصفات المعلّم

عند علماء المسلمين

 

أنواع التّبيلغ والدّعوة:

 

الدين الإسلامي كما نعلم أنه: عقيدة ونظام وعمل وحركة، وبتعبير أخر إيمان وحُب وتطبيق وعمل، فالذي يطبق ذلك ويخلص له، يتخلص من مآزق كثيرة في الدنيا والأخرة. وهناك أنواع من العمل الدعوي وكلّ عمل ودعوة لله تعالى فهو جهاد. فنرى مثلاً تعريف الدعوة عند الأستاذ عبد الكريم زيدان ثلاثة أقسام: 1ـ الدّعوة بالقول.  2ـ الدّعوة بالعمل. 3ـ الدّعوة بالسّيرة الحسنة. وعند الشيخ م. يوسف الكندهلوي أربعة: 1ـ الدّعوة القولية.  2ـ الدّعوة القلمية.  3ـ الدّعوة القلبية.  4ـ الدّعوة القدمية.

 

صفات المُستمع في التّعليم:

 

" إظهار الخشوع ـ دوام الخضوع ـ سلامة الصّدر ـ حُسن الظّن ـ اعتقاد القول ـ الإصغاء ودوام السكوت ـ قلة التقلب والإشارة باليد والغمز بالعين ـ جمع الهم ـ ترك التهمة والغيبة ـ ولا يطلبن عثرته وإن زلّ"[37]. عند توافر هذه الشروط لأجل طلب العلوم بشوق وشغف وبإخلاص من القلب وبإرادة وعزم ودون كسل سوف تتم الفائدة القصوى في الدنيا والثواب في الأخرة.

 

صفات المُعلّم أو المُرشد في التّعليم:

 

1ـ أنْ يكُونَ حليمًا وشفوقًا. 2ـ أنْ يكونَ عالمًا لاختصاصهِ. 3ـ أنْ يكُونَ مُعلّمًا بالعُلومِ الإسلاميَّةِ. 4ـ أنْ يُعرضَ عن حبِّ الدّنيا وحبِّ الجَاهِ. 5ـ تابعَ لشخصٍ بَصيرٍ تَسلسَل متابَعتُهُ إلى الرَّسولِ مُحمَّدٍ (ص). 6ـ قِلّة الأكلِ والقَولِ والنَّومِ. 7ـ كثرتهُ للصَلواتِ والصّومِ. 8ـ كثرتهُ للصدقةِ وعدم البّخل. لذا يقع على عاتق العلماء الأفاضل مسؤوليات أخلاقية كبيرة، من أجل تربية الإنسان الصحيح والقويم، ومساعدتهم على تزكية نفوسهم، وأن يمسك بيده مصباح الهداية، ويجلس في النور، وأن يوجه الخطاب والوعظ ليوقظ الغافلين والجهال والنائمين من سباتهم،.في إطار الدين الاسلامي.

والمرشد والعالم لا يمكن أن ينتظر منافع شخصية وجمع المال من وراء تزكية النفوس، لأن يقع أجره على الله تعالى.

 

وظائف المُعلّم أو المُرشد عند الإمام علي (رض):

 

1ـ الشّفقة على المتعلمين. ويجري مجرى الرسول (ص) (إنما أنا لكم مثل الوالد لولده).

2ـ لا يطلب على إفادة العلم أجرًا. ولا يقصد جزاءً ولا شكورًا، بل يعلم لوجه الله تعالى.

3ـ الاّ يدع من نصح المتعلم شيئًا، وأن يبين أن الغرض بطلب العلوم القُرب إلى الله تعالى دون الرياسة.

4ـ ومن دقائق صناعة التّعليم أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق، بطريق التعريض (عرض عام) ما أمكن ولا يصرح. وبطريق الرّحمة لا بطريق التوبيخ.

5ـ إنّ المتكفل ببعض العلوم، ينبغي الاّ يقبح في نفس المتعلم العلوم التي وراءه، كمعلم اللّغة إذْ عادته تقبيح علم الفقه ومعلم الفقع عادته تقبيح الحديث والتفسير.

6ـ أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه، فلا يلقى إليه ما لا يبلغه عقلهُ فينفرهُ أو يخبط عليه عقله.

7ـ إنّ المتعلم القاصر ينبغي أن يلقى إليه الجلي اللائق به، ولا يذكر له وراء هذا تدقيقًا وهو يُدخر عنه.

8ـ أن يكون المعلّم عاملاً بعلمهِ فلا يكذب قوله ولا فعله لإن العلم يدرك بالبصائر والعمل يدرك بالأبصار وأرباب الأبصار أكثر، فإذا خالف العلم العمل منع الرشد، وكل من تناول شيئًا وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك؛ سخر الناس به، واتهموه، وزاد حرصهم على ما نهوا عنه، فيقولون: لولا أنه أطيب الأشياء واَلذها لما كان يستأثر به.

 

أداب المناقشة بين الناس:

 

1ـ احترام رأي المتكلم مهما كان أو يكون، وأن تكون المناقشة حضارية متمدنة وبصوت هادئ وبوجه حسن دون زعل وخصام. قال تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن)[38]. ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، وإصبروا إنّ الله مع الصابرين)[39]. (وأغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت حمير)[40]. (وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين)[41].

2ـ إعطاء الفرصة للمتكلم لإبداء رأيه، وعدم مقاطعة كلامه، وأن يتبادل الرأي بالسّماع والاستماع (الأخذ والعطاء) بين الطّرفين. قال تعالى (ولو كنت فظًا أو غليظ القلب لأنفضّوا من حولك)[42].

3ـ عدم فرض الرأي بالقوة، قال تعالى (لا إكراه في الدين)[43]، وإن كنت على حق فلا تفرض أحقيتك بالقوة لأن هذا الأسلوب السَّىء سيعكس عليك.

4ـ إثبات الرأي والأقوال بالأدلة العلمية والنقلية. قال تعالى (قل هاتوا بُرهانكم إن كنتم صادقين)[44].

 

أمراض الأمة الاسلامية وأسباب اختلاف العلماء الصالحون فيما بينهم:

 

عند بديع الزمان النورسي أمراض الأمة الاسلامية ثلاثة وهي: 1ـ اختلاف الأمة الاسلامية. 2ـ الجهل وعدم القراءة. 3ـ الفقر، بسبب الكسل وعدم السعي.

واختلاف أمتي قد يكون لقصور في عقولهم بسبب عدم وصولهم إلى ذلك الحقيقة المحاورة عليها، أو لتقصير في معرفة أصول ذلك العلم، أو دخول الهوى والنفس والابتلاء في القرارات الصائبة. قال الرسول (ص) (سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي فأوحى الله إليّ: يامحمد إنّ أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء: بعضها أضوأ من بعض فمن أخذ بشئ مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى) رواه سعيد بن السيب عن عمر بن الخطاب (رض). وحديث (اختلاف أُمتي رحمة) بسبب تسهيل أمور المسلمين في الفتاوى الغير العقائدية. لا من أجل الاختلاف من أجل كسب أموال وشهرة ومناصب كما قيل المثل العربي (خالف تُعرف). ولأجل تلافي قصور العلماء علينا بالرجوع إلى المصادر الاسلامية من القرآن الكريم والأحاديث النبوية وحتى إلى الكتب الإسلامية الموثوقة. وكذلك من أجل فهم المراجع الاسلامية بحقه نحتاج إلى مرشدين وعلماء أجلاء، فقال الرسول (ص) في حديث صحيح (تركتُ فيكم آمرين لن تضلّوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسُنة نبيّه) أخرجه الحاكم في المستدرك. وللمربي والمرشد والأستاذ الجيد دور كبير في التعليم الجيد.

وبما أننا نشاهد موضوع التربية في الطيور الجارحة والحيوانات الوحشية وجعلها طيور وحيوانات أليفة بواسطة مربين مختصين بهذا الموضوع، ويعلمونهم أعمال خارقة. لذا مشاهدة التربية على الإنسان العاقل الذكي أولى به لتعلم العلوم والاخلاق، ومن المعلم الأول محمد (ص) ومن القرآن الكريم ومن بعد محمد (ص) من العلماء الصالحين، فقال الله تعالى (يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)[45]. (العُلماء ورثة الأنبياء) رواه الأربعة وأخرون.

 

 

الفصل الرّابع

 

علم التربية الحديثة والبيداغوجيا

 

مدخل إلى علوم التربية:

 

لا أحد من الدارسين يستطيع أن ينكر أن موضوع التربية كممارسة سلوكية عرفت وجودها مع وجود الحياة الإنسانية ذاتها. فالمهتمون بالدراسات الإنسانية عامة، وبتاريخ الفكر التربوي خاصة، يشيرون جميعا إلى أن عملية التربية قد مورست، وبشكل تلقائي جدًا منذ العصور التاريخية الأولى ذلك أن الإنسان الأول اهتدى بمؤهلاته الفطرية، وبتجربته الخاصة التي استقاها من تفاعله مع شروط حياته، إلى ضمان بقائه وبقاء أبنائه، وذلك باتباعه عددا من القواعد والأساليب السلوكية استطاعت أن توفر حدا أدنى من الصحة الجسدية والمقومات الفكرية التي كان يريد أن يتصف بها الطفل كي تستقيم له سبل التطور والنضج. لقد ظل الإنسان، على مدى مختلف مراحل تطوره الحضاري، يواجه الحياة بشتى عناصرها وأبعادها موظفا في ذلك ما حبي به من مهارات وقدرات، كي يحقق من خلالها آماله وطموحاته، أكبرها وأهمها ما كان يرمي إلى تخليد نوعه وتحقيق استمراريته عبر التاريخ البشري، فكان لزاما والحالة هذه، أن يعمد الآباء إلى تربية الأطفال ورعايتهم إلى أن ينضجوا ويشتد عودهم، ويصيروا قادرين على مواصلة المهمة التي أعدوا من أجلها، والمتمثلة في إنجاب خير خلف لخير سلف، وتربية هذا الخلف وإعداده لممارسة نفس الدور بمعاودة نفس الصيغ والأساليب، أو بادخال تغيير ضئيل على بعضها. وأكيد جدا أنه مع تطور وضع الإنسان فكريا واجتماعيا، وتبدل حياة المجتمعات عبر التاريخ، تطورت التربية، فتبدل مفهومها، وتغيرت أسسها وقواعدها التي تستند إليها، وتبدلت نتيجة لذلك الآراء التي نحملها حول الطفل، والأساليب التي ينبغي اتباعها معه لتربيته وتكوينه بما يغطي مختلف نواحي شخصيته، بل تغير فهمنا لطبيعة التربية ذاتها في تقلصها وامتدادها، في حدودها واطلاقيتها، وكل هذا سيعرف بالطبع انعكاسا ملحوظا على معنى التربية ومفهومها، إذ سيعرف هذا المفهوم بدوره تسميات عدة، كل واحدة منها تعكس في الأصل فهما ومعنى خاصين لعملية التربية[46].

 

محاور موضوع علم التربية:

 

أولا : من التربية إلى علوم التربية :

 

1ـ من التربية إلى البيداغوجيا.

2ـ من البيداغوجيا إلى علوم التربية.

 

ثانيا: علوم التربية، تعريف وتصنيف:

 

1ـ تعريف ببعض حقول علوم التربية: أـ فيزيولوجيا التربية.  ب ـ سيكولوجيا التربية. ج ـ سوسيولوجيا التربية.  دـ فلسفة التربية. هـ ـ سيكوسوسيولوجيا التربية.

2ـ تصنيف علوم التربية.

 

ثالثا: علوم التربية، تعدد وتكامل:

 

1ـ التكامل بين مختلف علوم التربية: أـ المقاربة الفيزيولوجية.  ب ـ المقاربة السيكولوجية. ج ـ  المقاربة السوسيولوجية. دـ المقاربة السيكوسوسيولوجية. هـ المقاربة الديداكتيكية.

2ـ التكامل بين التخصصات الأصلية وعلوم التربية.

3ـ التكامل بين باقي العلوم وعلوم التربية.

 

رابعا:  خلاصة:

خامسا : أنشطة للتقويم والدعم والبحث:

 

أولا : من التربية إلى علوم التربية : إن مصطلح علوم التربية الذي صار الآن المصطلح الرائج بشكل ملحوظ في المعاهد والمؤسسات التربوية لم يبرز اعتباطا، فقد جاء نتيجة عدة تحولات عرفها مسار تطور الفكر التربوي عامة، وتطور ميدان المصطلح في خضم هذا الفكر خاصة. ذلك أن استبدال مصطلح بآخر لمحاولة وصف شتات مجموع الأفعال والممارسات التي تشكل هذه العملية التي تدعى عادة تربية إنما جاء ليؤكد، في كل مرة،ما طرأ على مفهوم التربية ومضمونها وكذا مناهجها التي تطبقها من تحول وتبدل. وبالتالي، فكل مصطلح يعكس لحظة متميزة من التصور والفهم لفعل التربية. وفي هذا الإطار سنعرج قليلا على مصطلحات مركزية يعد الوقوف عندهت هاما جدا لفهم الانتقال إلى علوم التربية.

1ـ من التربية إلى البيداغوجيا: على الرغم من تعدد التعاريف التي عرفتها التربية على مدى تطورها، فقد ظل تحديد طبيعتها بشكل نهائي مشكلا قائما لم يستطع الدارسون المختصون التغلب عليه. فمن جهة، بقي مفهوم التربية عاما جدا، إن لم نقل عائما أحيانا، ومنفتحا على جميع الممارسات وأشكال التأثير التي تمارس على الطفل كيفيما كان نوعها (إيجابية أو سلبية، بناءة أو هدامة، مفيدة أو غير مفيدة، صالحة أو غير صالحة...) وكيفما كان مصدرها (آبا، أقران، راشدون، مدرسون، مربون، مختصون، وسائل اتصال مختلفة ...) ومن جهة أخرى، بقيت إجراءاتها ووسائلها المعتمدة غير ممنهجة أو مقننة بحيث كانت تمارس هذه الإجراءات وتلك الوسائل من طرف جميع من كان يتولى أمور تربية الأطفال، سواء كانوا يتوفرون على تكوين علمي دقيق يؤهلهم للقيام بذلك، أم لم يتوفروا بالمرة على ذلك التكوين، كما هو حال العديد من الآباء الذين يربون أطفالهم اعتمادا على تجربتهم الخاصة، وهي تجربة طالما تكون مليئة بالتصورات والقناعات التي تسىء إلى الطفل أكثر مما تخدمه وتحسن إليه. ولعل هذا ما حذا ببعض رجال التربية والدارسين إلى استعمال مصطلح بيداغوجيا Pédagogie إن لم يتجاوز مصطلح تربية، فعلى الأقل كحقل مواز يمدها ببعض المبادئ وبعض التوجيهات المفيدة.

 

ما هو تعريف البيداغوجيا؟

 

لقد عرف تعريف البيداغوجيا اختلافا مماثلا لنفس الاختلاف الذي عرفه تعريف التربية. والتعاريف العديدة التي قدمت بخصوص هذا المصطلح (أي البيداغوجيا) تبين في الحقيقة حجم الأشكال الذي اعترى تحديده، والمتمثل أصلا في السؤال الكبير التالي: هل البيداغوجيا علم أم صناعة أم فن أم فلسفة؟ أم هي كل ذلك دونما حاجة إلى إقامة تمييز منهجي بين كل هذه الحقول؟ لقد حاول دوركايم Durkheim  تعريف البيداغوجيا بإشارته إلى أنها "نظرية عملية" موضوعها التفكير في نظم التربية وطرائقها بغية تقدير قيمتها، وبالتالي إفادة عمل المربين وتوجيهه. أما ديوي Dewey فهو يطلق على ما اسماه دوركايم "بالنظرية العملية" اسم العلم، لأن هذه النظرية تستلزم، في اعتباره، أولا طرائق في البحث تماثل طرائق العلوم الأخرى، ولأنها بعد ذلك تضع نظاما من المبادئ الموجهة المستقاة من العلوم الأخرى التي تمت إلى التربية بصلة من النسب، وتكون قادرة على أن تجعل عمليات الفن التربوي العملي أكثر تطابقا مع العقل، وأكثر انسجاما مع الذكاء. أما كرشنشتاينرKerschensteindr  فهو يرى، خلافا لما سبق، أن البيداغوجيا لا يمكن تشبيهها بالصناعة أو العمل الفني، لأن العمل التربوي مختلف تماما عن العمل الصناعي. إنها ليست إذن علما مطبقا على التربية، بل هي علم مستقل قائم بذاته، مادامت تستخلص أحكامها الأساسية من مفاهيم تقيمها بالاستناد إلى معاينة دقيقة لمعطيات الواقع. ومن هنا تثار عادة العلاقة بين التربية والبيداغوجيا انطلاقا من العلاقة القائمة بين النظرية والممارسة وينتهي روني أوبير René Hubert  بهذا الخصوص، بعد عرضه لجملة من تعاريف البيداغوجيا ومناقشتها إلى أن هذه الأخيرة بعد أن تضع المبادئ وتحدد الأهداف، تنتقل إلى التطبيق العملي، أي بعد أن تكون عامة تصبح تطبيقية حيث تعنى بحل المشكلات المشخصة المختلفة التي تتصل بعناصر التربية و طرائقها و أساليب تنظيمها المدرسي. وإلى هذا التصور ذاته أشار ميالاري Mialaret حينما قرر عند محاولته التمييز بين التربية والبيداغوجيا، أن الأولى تشكل حقل ممارسة بينما تشكل الثانية حقل تأمل نظري في تلك الممارسة، وأن العلاقة بينهما تكمن بالذات في أن أي ممارسة على الطفل أو الإنسان عامة تحيل دائما إلى غاية أو توجه ضمنيين يستلزمان التفكير النظري من أجل خلق نوع من الانسجام بين الرأي التربوي والواقع التربوي.

2ـ من البيداغوجيا إلى علوم التربية: رغم شيوع مصطلح البيداغوجيا في الأوساط التربوية لفترة مهمة من الزمن، لم يلبث الدارسون، تحت تأثير تطور البحث التربوي وتطور الجهاز المفاهيمي لكثير من العلوم، أن استشعروا قصور هذا المصطلح، رغم ما سعى إليه من محاولات ااتنظير والتأمل في حقل الممارسة التربوية، حيث تبين لهم عدم قدرته على اختزال الركام الهائل من الإنتاج العلمي الذي عرفته السنوات الأخيرة في حقل العملية التربوية في مختلف امتداداتها وأبعادها. إن حرص البيداغوجي Le pédagogue على محاولة التركيب بين التنظير التربوي والممارسة التربوية استنادا على مبادئ ومقدمات، لم يبعده في كثير من الأحيان عن السقوط في دائرة الإعتماد على المهارة الشخصية، إن لم نقل على الحدس Intuition، مما كان يضفي على العمل البيداغوجي مسحة ذاتية قد تفتح الباب أمام تعدد " وصفات العمل التربوي"، إن صح القول، بتعدد المربين أنفسهم. صحيح أن انفتاح البيداغوجيا على علم النفس خاصة قد مكنها من استخلاص الكثير من القواعد والمبادئ الثابتة التي يتعين احترامها في كل نشاط تربوي يكون الطفل محوره الرئيسي، لدرجة أن هذا الإنفتاح ساعد على ظهور حقل شبه مستقل ظل مواكبا للبيداغوجيا عرف تحت اسم: السيكوبيداغوجيا Psychopédagogie. إلا أن ما يزخر به الواقع التربوي من تعقد وتشابك في المكونات جعل هذه السيكوبيداغوجيا ذاتها قاصرة، باعتبارها تنظر إلى الفعل التربوي نظرة ضيقةأحادية البعد، هو البعد السيكولوجي فقط، كما لو أن هذا الفعل لا يتحكم فيه أي جانب آخر غير الجانب النفسي من شخصية الإنسان. ومن هنا بدت الحاجة ماسة إلى إعادة النظر في التسمية، بل في الحقول والميادين المعرفية التربوية بما يجعلها قادرة على أن تغطي مجموع فعاليات الظاهرة التربوية في مختلف أبعادها البيولوجية والسيكولوجية والإجتماعية، بل في تقلبها في مختلف المؤسسات المجتمعية والوضعيات الاجتماعية الاقتصادية والفلسفية، فكانت النتيجة الحتمية لكل هذا أن ظهر مصطلح (علوم التربية).

ثانيا: علوم التربية، تعريف وتصنيف: مع تطور الحركة العلمية، خاصة في منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث ساد هاجس الدقة والموضوعية في تناول الظواهر الإنسانية، لم يعد هناك مجال للتناول العفوي المستند فقط إلى التجربة الشخصية وعامل الحدس والتأويل الذاتي، فنزعت العلوم الإنسانية كلها نحو تأسيس موضوعها وتحديد منهجها في الدراسة والبحث. وقد حظيت التربية بدورها بنصيب وافر من هذا التأثير حيث هرع الدارسون في حقلها إلى محاولة تاسيس علم لها ينصب بالدراسة الموضوعية على مختلف ظواهرها وقضاياها، فظهرت البوادر الأولى لما شرع في تسميته بعلم التربية Science de l'éducation  الذي كان يسعى إلى تحقيق الرصانة والضبط العلميين أكثر من سعيه إلى تناول الموضوع في شتى مظاهره وأبعاده. وهكذا بدأت تتأكد القناعة لدى المختصين حول أن خصوبة وتشعب الظاهرة التربوية وتشعب أطرافها أوسع بكثير من أن يستطيع علم واحد حصرها، ومن ثم السيطرة عليها. وكانت النتيجة الحتمية هي العمل على تجاوز علم التربية بالمفرد، واستبداله بمصطلح جديد يحتضن كل الحقول المعرفية التي تتصدى بالإهتمام لمجموع أبعاد الظاهرة التربوية، وكذا لمجموع الشروط التي تمارس فيها هذه الظاهرة، ويعرف هذا المصطلح اليوم تحت اسم علوم التربية Sciences de l'éducation .وليس من قبيل الصدفة أن تعرف هذه العلوم في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا في معظم الجامعات والمعاهد العلمية، وتتبناها العديد من الأنظمة التعليمية في إعداد برامجها... إن الأمر لا يرتبط، كما يقول ميالاريه: بإلباس معطف جديد لممارسة قديمة. إنه أكثر من ذلك بكثير، وأعمق من ذلك بكثير، إنه يرتبط بمعطى عميق ودال ويوازي ويستجيب في نفس الوقت لحقيقة جديدة. إن الظاهرة التربوية فعالية إنسانية تتداخل فيها عناصر عدة: يتداخل فيها ما هو بيولوجي وما هو سيكولوجي وما هو سوسيولوجي وما هو سيكوسوسيولوجي وما هو اقتصادي...إلخ. أو بعبارة مركزة، يتداخل فيها كل ما يتصل بشخصية الإنسان برمتها من معطيات ذاتية ترتبط بالفرد نفسه، ومعطيات موضوعية ترتبط بالمؤسسات والشروط العامة والخاصة التي تمارس في إطارها عملية التربية. وهذا ما يستلزم بالطبع تجنيد مقاربات علمية عدة تختص كل واحدة منها بجانب أو بجوانب من الظاهرة المدروسة، وهو ما استوجب بالتالي خلق علوم التربية.

ثانيا: علوم التربية، تعريف وتصنيف: مع تطور الحركة العلمية، خاصة في منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث ساد هاجس الدقة والموضوعية في تناول الظواهر الإنسانية، لم يعد هناك مجال للتناول العفوي المستند فقط إلى التجربة الشخصية وعامل الحدس والتأويل الذاتي، فنزعت العلوم الإنسانية كلها نحو تأسيس موضوعها وتحديد منهجها في الدراسة والبحث. وقد حظيت التربية بدورها بنصيب وافر من هذا التأثير حيث هرع الدارسون في حقلها إلى محاولة تاسيس علم لها ينصب بالدراسة الموضوعية على مختلف ظواهرها وقضاياها، فظهرت البوادر الأولى لما شرع في تسميته بعلم التربية الذي كان يسعى إلى تحقيق الرصانة والضبط العلميين أكثر من سعيه إلى  Science de l'éducationتناول الموضوع في شتى مظاهره وأبعاده. وهكذا بدأت تتأكد القناعة لدى المختصين حول أن خصوبة وتشعب الظاهرة التربوية وتشعب أطرافها أوسع بكثير من أن يستطيع علم واحد حصرها، ومن ثم السيطرة عليها. وكانت النتيجة الحتمية هي العمل على تجاوز علم التربية بالمفرد، واستبداله بمصطلح جديد يحتضن كل الحقول المعرفية التي تتصدى بالإهتمام لمجموع أبعاد الظاهرة التربوية، وكذا لمجموع الشروط التي تمارس فيها هذه الظاهرة، ويعرف هذا المصطلح اليوم تحت اسم علوم التربية Sciences de l'éducation . وليس من قبيل الصدفة أن تعرف هذه العلوم في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا في معظم الجامعات والمعاهد العلمية، وتتبناها العديد من الأنظمة التعليمية في إعداد برامجها...  إن الأمر لا يرتبط، كما يقول ميالاريه: بإلباس معطف جديد لممارسة قديمة. إنه أكثر من ذلك بكثير، وأعمق من ذلك بكثير، إنه يرتبط بمعطى عميق ودال ويوازي ويستجيب في نفس الوقت لحقيقة جديدة. إن الظاهرة التربوية فعالية إنسانية تتداخل فيها عناصر عدة: يتداخل فيها ما هو بيولوجي وما هو سيكولوجي وما هو سوسيولوجي وما هو سيكوسوسيولوجي وما هو اقتصادي...إلخ. أو بعبارة مركزة، يتداخل فيها كل ما يتصل بشخصية الإنسان برمتها من معطيات ذاتية ترتبط بالفرد نفسه، ومعطيات موضوعية ترتبط بالمؤسسات والشروط العامة والخاصة التي تمارس في إطارها عملية التربية. وهذا ما يستلزم بالطبع تجنيد مقاربات علمية عدة تختص كل واحدة منها بجانب أو بجوانب من الظاهرة المدروسة، وهو ما استوجب بالتالي خلق علوم التربية.

أـ فيزيولوجيا التربية.

ب ـ سيكولوجيا التربية.

ج ـ سوسيولوجيا التربية.

دـ سيكوسوسيولوجيا التربية.

هـ ـ فلسفة التربية.

 

أـ فيزيولوجيا التربية:

 

يحاول هذا العلم أن يقارب نواحي من الظاهرة التربوية مقاربة فيزيولوجية فالمعطيات الحيوية التي تلازم الفرد في أي نشاط يقوم به، تستدعي أخذ البعد الفيزيولوجي بعين الاعتبار في الممارسة التربوية.تدخل في هذا المضمار مجموعة من الشروط ترتبط أهمها بالصحة الجيدة والتغذية المتوازنة والنوم الكافي. ولهذا تركز فيزيولوجيا التربية اهتمامها على العلاقة القائمة بين هذه الشروط وبين التعلم المدرسي، بالنسبة للطفل المتعلم، طارحة عددا من التساؤلات الأساسية من قبيل:

ـ ماهي القوانين الفيزيولوجية المتحكمة في الأساس البيولوجي لعملية النمو؟

ـ كيف تنمو الإيقاعات الحيوية (النوم، التعب...) وما علاقتها بالتعلم المدرسي؟

ـ ما هي الآثار التي تحدثها التغذية على المستوى الكمي في النمو المدرسي للطفل؟

ـ ما هي العناصر الكيميائية الضرورية لتنشيط الانتباه وتقوية الذاكرة والرفع من استيعاب المعارف؟ وفضلا عن هذه الأسئلة الهامة التي تشتغل عليها فيزيولوجيا التربية، يهتم هذا العلم كذلك بتحليل بعض ظروف الحياة المدرسية والحياة الأسرية من الزاوية التي يهتم بها فيدرس المحيط الحيوي المميز للمؤسسة، أي دراسته من حيث التهوية والإنارة والتلوين والتزيين... لدرجة نجد أنفسنا مع الدراسة كما يقول ميالاريه، أمام الحدود الدقيقة الفاصلة بين الفيزيولوجيا والهندسة المعمارية. كما تتدخل فيزيولوجيا التربية في العملية التعليمية-التعلمية، وذلك باهتمامها بجوانب من سلوك المتعلم المتصلة، بميدان الفيزيولوجيا، مثل الجانب السيكو-حركي في تعلم مهارات الكتابة، والجانب العضلي في تعلم المهارات الحركية في مجال التربية البدنية.

 

ب ـ المقاربة السيكولوجية:

 

التي تفيد في الكشف عن العوامل ذات الصبغة النفسية، أي المرتبطة بشخصية المتعلم ذاته، والتي يمكن ان يكون لها دورها في إفراز المظاهر السلوكية المميزة للحالة، كالقلق والتوتر ومختلف العقد النفسية واضطراب الحياة الإنفعالية...إلخ. وهذه المقاربة تستلزم من الدارس أو المربي الاستعانة هنا بحقل سيكولوجيا التربية.

 

ج ـ المقاربة السوسيولوجية:

 

التي تفيد في الكشف عن طبيعة الأطر المرجعية التي تتحكم في تربية الطفل وتنشئته، خاصة الأسرة بمناخها العاطفي وبمستواها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وطبيعة العلاقات الاجتماعية وأساليب المعاملة السائدة داخلها... إلخ. وهذه المقاربة تستلزم من المربي أن يستعين بحقل سوسيولوجيا التربية.

 

دـ المقاربة السيكوسوسيولوجية:

 

التي تفيد في الكشف عن طبيعة العلاقات الاجتماعية وأشكال التواصل داخل الفصل الدراسي الناجمة عن تفاعل المتعلمين فيما بينهم وبين هؤلاء ومدرسهم، كما تفيد كذلك في تحديد المكانة السوسيومترية لكل عنصر داخل جماعة الفصل ومواقع التقبل والنبذ بالنسبة لكل متعلم... إلخ وهذه المقاربة تستلزم من المربي الاستعانة بحقل سيكوسوسيولوجيا التربية. [line].

المكانة السوسيومترية: مفهوم من المفاهيم المركزية في حقل سيكوسوسيولوجيا التربية. وهو يعني تلك الدرجة التي يحتلها الفرد داخل الجماعة الصغيرة التي ينتمي إليها، وذلك من حيث تفاعله مع الأفراد وعلاقاته معهم. فالفرد المقبول داخل جماعته والذي يحظى بانجذابات أكثر العناصر تكون له مكانة سوسيومترية عالية، في حين تكون للمنبوذ مكانة سوسيومترية عالية، في حين تكون للمنبوذ مكانة منخفضة تتحدد درجتها بدرجة النبذ.

 

هـ ـ المقاربة الديداكتيكية:

 

التي تفيد في الكشف عن مختلف مكونات عملية التدريس من أهداف ومحتويات تعليمية وطرائق ووسائل وتقنيات وتقويم تربوي، بما يساعد على إبراز العناصر التي قد تكون مسؤولة عن تعرض المتعلمين لعائق ما في تعلمهم، وهذا يستلزم من المربي أن يستعين هنا بما يعرف حاليا بالديداكتيك أو علم التدريس كما يميل البعض إلى تسميته[47].

 

والله الموفق

نظام الدين إبراهيم أوغلو ـ تركيا


 

[1] كيف نربي أولادنا، محمود محمد الإستانبولي، ص 76.

[2] الإسراء، 24.

 [3]الشعراء، 18.

 [4]طه، 114.

[5] النّساء، 9.

[6]الأحقاف، 15.

[7] آل عمرا، 159.

[8] آل عمران، 75.

[9] العلق، 1،3.

[10] الذّاريات، 55.

[11] النحل، 43.

[12] آل عمران، 7.

[13] الحشر، 21.

[14] النجم، 5.

[15] العلق، 4.

[16] الحجر، 53.

[17] آل عمران، 7.

[18] الأنعام، 98.

[19] النور، 44.

[20] الزّمر، 42.

[21] الدّخان، 14.

[22] الأعراف، 32.

[23] البقرة، 44.

[24] النور، 61. الفتح، 17.

[25] البقرة، 62.

[26] مريم، 60.

[27] الرّعد، 29.

[28] الأعراف، 32.

[29] المنافقون، 7.

[30] الإسراء، 46.

[31] التوبة، 93.

[32] العلق، 1.

[33] يوسف، 76.

[34] الزخرف، 32.

[35] الأنعام، 83.

[36] البقرة، 228.

[37] المصدر السابق، المنقذ من الضلال، ص 167.

[38] النحل، 125.

[39] الأنفال، 46.

[40] لقمان، 19.

[41] النور، 54.

[42] آل عمران، 159.

[43] البقرة، 256.

[44] البقرة، 111.

[45] المجادلة، 11.

[46] http://www.kollalarab.com/vb/showthread.php?t=17373

[47]http://www.kollalarab.com/vb/showthread.php?t=17373

 

 
       Geri

 

Web Siteme Hoş Geldiniz!

اهلاً وسهلاً لزيارتكم موقعنا

 

Copyright ©2006
Nizamettin İBRAHİMOĞLU